Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 21-21)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } هذا عتاب للمتخلفين عن القتال أي كان لكم قدوة في النبي صلى الله عليه وسلم حيث بذل نفسه لنصرة دين الله في خروجه إلى الخندق . والأسوة القدوة . وقرأ عاصم « أُسوة » بضم الهمزة . الباقون بالكسر وهما لغتان . والجمع فيهما واحد عند الفرّاء . والعلة عنده في الضم على لغة من كسر في الواحدة : الفرقُ بين ذوات الواو وذوات الياء فيقولون كِسْوة وكُساً ، ولِحية ولحىً . الجوهريّ : والأُسوة والإسوة بالضم والكسر لغتان . والجمع أُسًى وإسًى . وروى عقبة بن حسان الهجري عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } قال : في جوع النبي صلى الله عليه وسلم ذكره الخطيب أبو بكر أحمد وقال : تفرد به عقبة بن حسان عن مالك ، ولم أكتبه إلا بهذا الإسناد . الثانية : قوله تعالى : { أُسْوَةٌ } الأسوة القدوة . والأسوة ما يتأسّى به أي يُتعزَّى به . فيقتدَى به في جميع أفعاله ويتعزّى به في جميع أحواله فلقد شُجّ وجهه ، وكسرت رباعيته ، وقُتل عمه حمزة » وجاع بطنه ، ولم يُلْفَ إلا صابراً محتسِباً ، وشاكراً راضياً . وعن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حَجَر حجر فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجرين . خرجه أبو عيسى الترمذي وقال فيه : حديث غريب . وقال صلى الله عليه وسلم لما شُجّ : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " وقد تقدّم . { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } قال سعيد بن جبير : المعنى لمن كان يرجو لقاء الله بإيمانه ويصدّق بالبعث الذي فيه جزاء الأفعال . وقيل : أي لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر . ولا يجوز عند الحذاق من النحويين أن يكتب « يرجو » إلا بغير ألف إذا كان لواحد لأن العلة التي في الجمع ليست في الواحد . { وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } خوفاً من عقابه ، ورجاء لثوابه . وقيل : إن « لِمَنْ » بدل من قوله : « لَكُمْ » ولا يجيزه البصريون لأن الغائب لا يبدل من المخاطب ، وإنما اللام من « لِمن » متعلقة بـ « ـحسنة » ، و « أُسْوة » اسم « كَانَ » و « لَكُمْ » الخبر . واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين : أحدهما : المنافقون عطفاً على ما تقدّم من خطابهم . الثاني : المؤمنون لقوله : { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } . واختلف في هذه الأسوة بالرسول عليه السلام ، هل هي على الإيجاب أو على الاستحباب على قولين : أحدهما : على الإيجاب حتى يقوم دليل على الاستحباب . الثاني : على الاستحباب حتى يقوم دليل على الإيجاب . ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين ، وعلى الاستحباب في أمور الدينا .