Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 11-11)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } قال سعيد عن قتادة قال : يعني آدم عليه السلام ، والتقدير على هذا : خلق أصلكم من تراب . { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } قال : أي التي أخرجها من ظهور آبائكم . { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً } قال : أي زوّج بعضكم بعضاً ، فالذكر زوج الأنثى ليتم البقاء في الدنيا إلى انقضاء مدّتها . { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } أي جعلكم أزواجاً فيتزوّج الذكر بالأنثى فيتناسلان بعلم الله ، فلا يكون حمل ولا وضع إلا والله عالم به ، فلا يخرج شيء عن تدبيره . { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ } سماه معمّراً بما هو صائر إليه . قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : « وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّر » إلا كتب عمره ، كم هو سنة كم هو شهراً كم هو يوماً كم هو ساعة ثم يكتب في كتاب آخر : نقص من عمره يوم ، نقص شهر ، نقص سنة ، حتى يستوفى أجله . وقاله سعيد بن جبير أيضاً ، قال : فما مضى من أجله فهو النقصان ، وما يستقبل فهو الذي يعمره فالهاء على هذا للمعمر . وعن سعيد أيضاً : يكتب عمره كذا وكذا سنة ، ثم يكتب في أسفل ذلك : ذهب يوم ، ذهب يومان ، حتى يأتي على آخره . وعن قتادة : المعمّر من بلغ ستين سنة ، والمنقوص من عمره من يموت قبل ستين سنة . ومذهب الفرّاء في معنى « وَمَا يُعَمَّر مِنْ مُعَمَّرٍ » أي ما يكون من عمره « وَلاَ يُنْقص من عمرِهِ » بمعنى معمر آخر ، أي ولا ينقص الآخر من عمره إلا في كتاب . فالكناية في « عمره » ترجع إلى آخر غير الأوّل . وكنَّى عنه بالهاء كأنه الأوّل ، ومثله قولك : عندي درهم ونصفه ، أي نصف آخر . وقيل : إن الله كتب عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع ، وتسعين إن عصى ، فأيهما بلغ فهو في كتاب . وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام : " من أحبّ أن يُبْسَط له في رزقه ويُنْسأ له في أثره فليصِلْ رحمه " أي أنه يكتب في اللوح المحفوظ : عمر فلان كذا سنة ، فإن وصل رحمه زيد في عمره كذا سنة . فبيّن ذلك في موضع آخر من اللوح المحفوظ ، إنه سيصل رحمه فمن اطلع على الأوّل دون الثاني ظن أنه زيادة أو نقصان . وقد مضى هذا المعنى عند قوله تعالى : { يَمْحُو ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [ الرعد : 39 ] والكناية على هذا ترجع إلى العمر . وقيل : المعنى وما يعمَّر من معمَّر أي هرم ، ولا ينقص آخر من عمر الهرم إلا في كتاب أي بقضاء من الله جل وعز . روي معناه عن الضحاك واختاره النحاس ، قال : وهو أشبهها بظاهر التنزيل . وروي نحوه عن ابن عباس . فالهاء على هذا يجوز أن تكون للمعمّر ، ويجوز أن تكون لغير المعمر . { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي كتابة الأعمال والآجال غير متعذر عليه . وقراءة العامة « يُنْقَص » بضم الياء وفتح القاف . وقرأت فرقة منهم يعقوب « يَنقُص » بفتح الياء وضم القاف ، أي لا ينقص من عمره شيء . يقال : نقص الشيءُ بنفسه ونقصه غيرُه ، وزاد بنفسه وزاده غيره ، متعدّ ولازم . وقرأ الأعرج والزهري « مِن عُمْره » بتخفيف الميم . وضمها الباقون . وهما لغتان مثل السُّحْق والسُّحُق . و « يَسِيرٌ » أي إحصاء طويل الأعمار وقصيرها لا يتعذر عليه شيء منها ولا يعزب . والفعل منه : يَسُر . ولو سميت به إنساناً انصرف لأنه فعيل .