Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 12-12)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } فيه أربع مسائل : الأولى : قال ابن عباس : « فُراتٌ » حلو ، و « أُجَاجٌ » مرّ . وقرأ طلحة : « هذا مَلِح أجاج » بفتح الميم وكسر اللام بغير ألف . وأما المالح فهو الذي يجعل فيه الملح . وقرأ عيسى وابن أبي إسحاق « سيغ شرابه » مثل سيد وميت . { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } لا اختلاف في أنه منهما جميعاً . وقد مضى في « النحل » الكلام فيه . الثانية : قوله تعالى : { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } مذهب أبي إسحاق أن الحلية إنما تستخرج من الملح ، فقيل منهما لأنهما مختلطان . وقال غيره : إنما تستخرج الأصداف التي فيها الحلية من الدرّ وغيره من المواضع التي فيها العذب والملح نحو العيون ، فهو مأخوذ منهما لأن في البحر عيوناً عذبة ، وبينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج . وقيل : من مطر السماء . وقال محمد بن يزيد قولاً رابعاً ، قال : إنما تستخرج الحلية من الملح خاصة . النحاس : وهذا أحسنها وليس هذا عنده ، لأنهما مختلطان ، ولكن جمعا ثم أخبر عن أحدهما كما قال جل وعز : { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } [ القصص : 73 ] . وكما تقول : لو رأيت الحسن والحجاج لرأيت خيراً وشَرًّا . وكما تقول : لو رأيت الأصمعي وسيبويه لملأت يدك لغة ونحواً . فقد عرف معنى هذا ، وهو كلام فصيح كثير ، فكذا : { وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } فاجتمعا في الأوّل وانفرد الملح بالثاني . الثالثة : وفي قوله : { تَلْبَسُونَهَا } دليل على أن لباس كل شيء بحسبه فالخاتم يجعل في الإصبع ، والسوار في الذراع ، والقلادة في العنق ، والخلخال في الرجل . وفي البخاري والنسائي عن ابن سِيرين قال قلت لعبيدة : افتراش الحرير كلبسه ؟ قال نعم . وفي الصحاح عن أنس « فقمت على حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس » . الحديث . الرابعة : قوله تعالى : { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } قال النحاس : أي ماء الملح خاصة ، ولولا ذلك لقال فيهما . وقد مَخَرت السفينة تَمْخُر إذا شقت الماء . وقد مضى هذا في « النحل » . { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } قال مجاهد : التجارة في الفُلك إلى البلدان البعيدة في مدّة قريبة كما تقدّم في « البقرة » . وقيل : ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتانه . { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } على ما آتاكم من فضله . وقيل : على ما أنجاكم من هَوْله .