Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 40-40)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ } رفعت « الشمس » بالابتداء ، ولا يجوز أن تعمل « لا » في معرفة . وقد تكلم العلماء في معنى هذه الآية ، فقال بعضهم : معناها أن الشمس لا تدرك القمر فتبطل معناه . أي لكل واحد منهما سلطان على حياله ، فلا يدخل أحدهما على الآخر فيذهب سلطانه ، إلى أن يبطل الله ما دبر من ذلك ، فتطلع الشمس من مغربها على ما تقدّم في آخر سورة « الأنعام » بيانه . وقيل : إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء ، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء . روي معناه عن ٱبن عباس والضحاك . وقال مجاهد : أي لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر . وقال قتادة : لكلٍّ حدّ وعَلَم لا يعدوه ولا يقصر دونه إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا . وقال الحسن : إنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة . أي لا تبقى الشمس حتى يطلع القمر ، ولكن إذا غرَبت الشمس طلع القمر . يحيى بن سلاّم : لا تدرك الشمس القمر ليلة البدر خاصة لأنه يبادر بالمغيب قبل طلوعها . وقيل : معناه إذا ٱجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منازل لا يشتركان فيها قاله ٱبن عباس أيضاً . وقيل : القمر في السماء الدنيا ، والشمس في السماء الرابعة فهي لا تدركه ذكره النحاس والمهدوي . قال النحاس : وأحسن ما قيل في معناها وأبينه مما لا يُدفَع : أن سير القمر سيْر سريع والشمس لا تدركه في السير ذكره المهدوي أيضاً . فأما قوله سبحانه : { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } [ القيامة : 9 ] فذلك حين حَبْس الشمس عن الطلوع على ما تقدّم بيانه في آخر « الأنعام » ويأتي في سورة « القيامة » أيضاً . وجمعهما علامة لانقضاء الدنيا وقيام الساعة . { وَكُلٌّ } يعني من الشمس والقمر والنجوم { فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } أي يجرون . وقيل : يدورون . ولم يقل تسبح لأنه وصفها بفعل من يعقل . وقال الحسن : الشمس والقمر والنجوم في فلك بين السماء والأرض غير ملصَقة ولو كانت ملصقة ما جرت ذكره الثعلبي والماوردي . وٱستدلّ بعضهم بقوله تعالى : { وَلاَ ٱلْلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } على أن النهار مخلوق قبل الليل ، وأن الليل لم يسبقه بخلق . وقيل : كل واحد منهما يجيء وقته ولا يسبق صاحبه إلى أن يجمع بين الشمس والقمر يوم القيامة كما قال { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } وإنما هذا التعاقب الآن لتتم مصالح العباد . { وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } [ الإسراء : 12 ] ويكون الليل للإجمام والاستراحة ، والنهار للتصرف كما قال تعالى : { وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } [ القصص : 73 ] وقال : { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } [ النبأ : 9 ] أي راحة لأبدانكم من عمل النهار . فقوله : { وَلاَ ٱلْلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ } أي غالب النهار يقال : سبق فلان فلاناً أي غلبه . وذكر المبّرد قال : سمعت عمارة يقرأ « وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارَ » فقلت ما هذا ؟ قال : أردت سابِقٌ النهارَ فحذفت التنوين لأنه أخفّ . قال النحاس : يجوز أن يكون « النهارَ » منصوباً بغير تنوين ويكون التنوين حذف لالتقاء الساكنين .