Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 41-43)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمْ } يحتمل ثلاثة معان : أحدها عبرة لهم لأن في الآيات ٱعتباراً . الثاني نعمة عليهم لأن في الآيات إنعاماً . الثالث إنذار لهم لأن في الآيات إنذاراً . { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } من أشكل ما في السورة لأنهم هم المحمولون . فقيل : المعنى وآية لأهل مكة أنا حملنا ذرية القرون الماضية « فيِ الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ » فالضميران مختلفان ذكره المهدوي . وحكاه النحاس عن عليّ بن سليمان أنه سمعه يقوله . وقيل : الضميران جميعاً لأهل مكة على أن يكون ذرياتهم أولادهم وضعفاءهم فالفلك على القول الأوّل سفينة نوح . وعلى الثاني يكون ٱسماً للجنس خبّر جل وعز بلطفه وٱمتنانه أنه خلق السفن يحمل فيها من يصعب عليه المشي والركوب من الذرية والضعفاء ، فيكون الضميران على هذا متفقين . وقيل : الذرية الآباء والأجداد ، حملهم الله تعالى في سفينة نوح عليه السلام فالآباء ذرية والأبناء ذرية بدليل هذه الآية قاله أبو عثمان . وسمّي الآباء ذرية لأن منهم ذرأ الأبناء . وقول رابع : أن الذرية النُّطَف حملها الله تعالى في بطون النساء تشبيهاً بالفلك المشحون قاله عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ذكره الماوردي . وقد مضى في « البقرة » ٱشتقاق الذرية والكلام فيها مستوفًى . و « الْمَشْحُون » المملوء الموقَر ، و « الْفُلْك » يكون واحداً وجمعاً . وقد تقدّم في « يونس » القول فيه . قوله تعالى : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } والأصل يركبونه فحذفت الهاء لطول الاسم وأنه رأس آية . وفي معناه ثلاثة أقوال : مذهب مجاهد وقتادة وجماعة من أهل التفسير ، وروي عن ٱبن عباس أن معنى « مِنْ مِثْلِهِ » للإبل ، خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر والعرب تشبه الإبل بالسفن . قال طرفة : @ كأنّ حُدُوجَ المالكيةِ غُدوةً خَلاَيَا سفِينٍ بالنواصِفِ مِن دَدِ @@ جمع خلّية وهي السفينة العظيمة . والقول الثاني أنه للإبل والدواب وكل ما يركب . والقول الثالث أنه للسفن النحاس : وهو أصحها لأنه متصل الإسناد عن ٱبن عباس . { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } قال : خلق لهم سفناً أمثالها يركبون فيها . وقال أبو مالك : إنها السفن الصغار خلقها مثل السفن الكبار وروي عن ٱبن عباس والحسن . وقال الضحاك وغيره : هي السفن المتخذة بعد سفينة نوح . قال الماورديّ : ويجيء على مقتضى تأويل علي رضي الله عنه في أن الذرّية في الفلك المشحون هي النطف في بطون النساء قول خامس في قوله : { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ } أن يكون تأويله النساء خلقن لركوب الأزواج لكن لم أره محكياً . قوله تعالى : { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } أي في البحر فترجع الكناية إلى أصحاب الذرية ، أو إلى الجميع ، وهذا يدلّ على صحة قول ابن عباس ومن قال : إن المراد « مِنْ مِثْلِهِ » السفن لا الإبل . { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } أي لا مغيث لهم رواه سعيد عن قتادة . وروى شيبان عنه : فلا منعة لهم ومعناهما متقاربان . و « صَرِيَخ » بمعنى مُصرِخ فعيل بمعنى فاعل . ويجوز { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } لأن بعده ما لا يجوز فيه إلا الرفع لأنه معرفة وهو { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } والنحويون يختارون لا رجل في الدار ولا زيد . ومعنى : « يُنْقَذُونَ » يخلصون من الغرق . وقيل : من العذاب . { إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا } قال الكسائي : هو نصب على الاستثناء . وقال الزجاج : نصب مفعولٍ من أجله أي للرحمة { وَمَتَاعاً } معطوف عليه . { إِلَىٰ حِينٍ } إلى الموت قاله قتادة . يحيى بن سّلام : إلى القيامة أي إلا أن نرحمهم ونمتعهم إلى آجالهم ، وأن الله عجل عذاب الأمم السالفة ، وأخّر عذاب أمة محمد صلى الله عليه وسلم وإن كذبوه إلى الموت والقيامة .