Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 15-16)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً } « يَنْظُرُ » بمعنى ينتظر ومنه قوله تعالى : { ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } [ الحديد : 13 ] . « هؤلاء » يعني كفار مكة . « إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً » أي نفخة القيامة . أي ما ينتظرون بعد ما أصيبوا ببدر إلا صيحة القيامة . وقيل : ما ينتظر أحياؤهم الآن إلا الصيحة التي هي النفخة في الصور ، كما قال تعالى : { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } [ يسۤ : 49 ] وهذا إخبار عن قرب القيامة والموت . وقيل : أي ما ينتظر كفار آخر هذه الأمة المتديِّنين بدين أولئك إلا صيحة واحدة وهي النفخة . وقال عبد اللّه بن عمرو : لم تكن صيحة في السماء إلا بغضب من اللّه عز وجل على أهل الأرض . { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } أي من ترداد عن ابن عباس . مجاهد : ما لها رجوع . قتادة : ما لها من مثنوية . السدّي : ما لها من إفاقة . وقرأ حمزة والكسائي : « مَا لَهَا مِنْ فُوَاقٍ » بضم الفاء . الباقون بالفتح . الجوهري : والفَواق والفُواق ما بين الحَلْبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتَدِرّ ثم تُحلَب . يقال : ما أقام عنده إلا فُوَاقاً وفي الحديث : " العيادة قدر فواق الناقة " وقوله تعالى : { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } يقرأ بالفتح والضم أي ما لها من نظرة وراحة وإفاقة . والفِيقة بالكسر ٱسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين : صارت الواو ياء لكسر ما قبلها قال الأعشى يصف بقرة : @ حتى إذا فِيقَةٌ في ضَرعِها ٱجتمعتْ جاءتْ لِتُرضِع شِقَّ النَّفْسِ لَوْ رَضَعا @@ والجمع فِيق ثم أفواق مثل شِبر وأشبار ثم أفاويق . قال ابن همّام السّلُوليّ : @ وذَمُّوا لنا الدنيا وهُمْ يَرْضَعُونَها أَفَاوِيقَ حتى ما يدِرُّ لها ثُعْلُ @@ والأفاويق أيضاً ما ٱجتمع في السحاب من ماء ، فهو يمطر ساعة بعد ساعة . وأفاقت الناقة إفاقة أي ٱجتمعت الفِيقة في ضرعها فهي مُفِيقٌ ومُفِيقَةٌ عن أبي عمرو والجمع مفاويق . وقال الفرّاء وأبو عبيدة وغيرهما : « مِنْ فَوَاقٍ » بفتح الفاء أي راحة لا يفيقون فيها ، كما يفيق المريض والمغشيّ عليه . و « مِنْ فُواقٍ » بضم الفاء من ٱنتظار . وقد تقدّم أنهما بمعنىً وهو ما بين الحلبتين . قلت : والمعنى المراد أنها ممتدّة لا تقطيع فيها . وروى أبو هريرة قال : حدّثنا رسول صلى الله عليه وسلم ونحن في طائفة من أصحابه … الحديث . وفيه : " يأمر اللّه عز وجل إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول ٱنفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السموات وأهل الأرض إلا من شاء اللّه ويأمره فيمدّها ويديمها ويطوّلها يقول اللّه عز وجل : { وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } " وذكر الحديث ، خرجه علي بن معبد وغيره كما ذكرناه في كتاب التذكرة . قوله تعالى : { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } قال مجاهد : عذابنا . وكذا قال قتادة : نصيبنا من العذاب . الحسن : نصيبنا من الجنة لنتنعم به في الدنيا . وقاله سعيد بن جُبير . ومعروف في اللغة أن يقال للنصيب قِطَّ وللكتاب المكتوب بالجائزة قِط . قال الفراء : القِط في كلام العرب الحظ والنصيب . ومنه قيل للصك قِط . وقال أبو عبيدة والكسائي : القِط الكتاب بالجوائز والجمع القطوط قال الأعشى : @ ولا الملِكُ النّعْمانُ يومَ لَقِيتُهُ بِغِبْطتِهِ يُعطِي القُطوطَ وَيَأْفِقُ @@ يعني كتب الجوائز . ويروى : بأُمَّتِهِ بدل بغبطته ، أي بنعمته وحاله الجليلة ، ويأفِق يصلح . ويقال : في جمع قِط أيضاً قِططة وفي القليل أقط وأْقطاط . ذكره النحاس . وقال السدي : سألوا أن يمثل لهم منازلهم من الجنة ليعلموا حقيقة ما يوعدون به . وقال إسماعيل بن أبي خالد : المعنى عجّل لنا أرزاقنا . وقيل : معناه عجل لنا ما يكفينا من قولهم : قَطْنِي أي يكفيني . وقيل : إنهم قالوا ذلك ٱستعجالاً لكتبهم التي يعطونها بأيمانهم وشمائلهم حين تلي عليهم بذلك القرآن . وهو قوله تعالى : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } [ الانشقاق : 7 ] . { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } [ الانشقاق : 10 ] . وأصل القطّ القَطّ وهو القطع ، ومنه قَطّ القلم فالقِط ٱسم للقطعة من الشيء كالقَسْمِ والقِسْم فأطلق على النصيب والكتاب والرزق لقطعه عن غيره إلا أنه في الكتاب أكثَر ٱستعمالاً وأقوى حقيقة . قال أمية بن أبي الصَّلْت : @ قومٌ لهم ساحةُ العِراقِ وما يُجْبَى إليهِ وَالقِطُّ والقَلَمُ @@ { قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } أي قبل يوم القيامة في الدنيا إن كان الأمر كما يقول محمد . وكل هذا ٱستهزاء منهم .