Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 12-14)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } ذكرها تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية له أي هؤلاء من قومك يا محمد جندٌ من الأحزاب المتقدّمين الذين تحزَّبوا على أنبيائهم ، وقد كانوا أقوى من هؤلاء فأهلكوا . وذكر اللّه تعالى القوم بلفظ التأنيث ، وٱختلف أهل العربية في ذلك على قولين : أحدهما أنه قد يجوز فيه التذكير والتأنيث . الثاني أنه مذكر اللفظ لا يجوز تأنيثه ، إلا أن يقع المعنى على العشيرة والقبيلة ، فيغلب في اللفظ حكم المعنى المضمر تنبيهاً عليه كقوله تعالى : { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } [ عبس : 11 12 ] ولم يقل ذكرها لأنه لما كان المضمر فيه مذكراً ذكره وإن كان اللفظ مقتضياً للتأنيث . ووصف فرعون بأنه ذو الأوتاد . وقد ٱختلف في تأويل ذلك فقال ٱبن عباس : المعنى ذو البناء المحكم . وقال الضحاك : كان كثير البنيان ، والبنيان يسمى أوتاداً . وعن ٱبن عباس أيضاً وقتادة وعطاء : أنه كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يُلْعَب له عليها . وعن الضحاك أيضاً : ذو القوّة والبطش . وقال الكلبي ومقاتل : كان يعذِّب الناس بالأوتاد ، وكان إذا غضب على أحد مدّه مستلقياً بين أربعة أوتاد في الأرض ، ويرسل عليه العقارب والحيات حتى يموت . وقيل : كان يشبح المعذب بين أربع سوارٍ كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وَتَد من حديد ويتركه حتى يموت . وقيل : ذو الأوتاد أي ذو الجنود الكثيرة فسميت الجنود أوتاداً لأنهم يقوّون أمره كما يقوّي الوتد البيت . وقال ٱبن قتيبة : العرب تقول هم في عزّ ثابت الأوتاد ، يريدون دائماً شديداً . وأصل هذا أن البيت من بيوت الشَّعر إنما يثبت ويقوم بالأوتاد . قال الأسود بن يَعْفُر : @ ولقد غَنَوْا فيها بأنعَمِ عِيشةٍ في ظلِّ مُلْكٍ ثابِت الأوتادِ @@ وواحد الأوتاد وتِد بالكسر ، وبالفتح لغة . وقال الأصمعي : يقال وتَد واتِد كما يقال : شغل شاغل . وأنشد : @ لاقتْ على الماءِ جُذَيْلاً وَاتِداً ولم يكن يُخْلِفُها المَوَاعِدَا @@ قال : شبَّه الرجل بالجِذْل . { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ } أي الغيضة . وقد مضى ذكرها في « الشعراء » . وقرأ نافع وٱبن كثير وٱبن عامر : « لَيْكَةَ » بفتح اللام والتاء من غير همز . وهمز الباقون وكسروا التاء . وقد تقدّم هذا . { أُوْلَـٰئِكَ ٱلأَحْزَابُ } أي هم الموصوفون بالقوّة والكثرة كقولك فلان هو الرجل . { إِن كُلٌّ } بمعنى ما كل . { إِلاَّ كَذَّبَ ٱلرٌّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ } أي فنزل بهم العذاب لذلك التكذيب . وأثبت يعقوب الياء في « عَذَابِي » و « عِقابِي » في الحالين وحذفها الباقون في الحالين . ونظير هذه الآية قوله عز وجل : { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } [ غافر : 31 ] فسمى هذه الأمم أحزاباً .