Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 75-83)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ } أي صرفك وصدّك { أَن تَسْجُدَ } أي عن أن تسجد { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أضاف خلقه إلى نفسه تكريماً له ، وإن كان خالق كل شيء وهذا كما أضاف إلى نفسه الروح والبيت والناقة والمساجد فخاطب الناس بما يعرفونه في تعاملهم ، فإن الرئيس من المخلوقين لا يباشر شيئاً بيده إلا على سبيل الإعظام والتكرم ، فذِكْر اليد هنا بمعنى هذا . قال مجاهد : اليد هاهنا بمعنى التأكيد والصلة مجازه لما خلقت أنا كقوله : { وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ } [ الرحمن : 27 ] أي يبقى ربك . وقيل : التشبيه في اليد في خلق الله تعالى دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة وإنما هما صفتان من صفات ذاته تعالى . وقيل : أراد باليد القدرة ، يقال : ما لي بهذا الأمر يد . وما لي بالحِمْل الثقيلِ يَدَانِ . ويدل عليه أن الخلق لا يقع إلا بالقدرة بالإجماع . وقال الشاعر : @ تَحمَّلْت مِنْ عَفْرَاءَ ما ليس لِي بِه ولا للجِبَالِ الرّاسِياتِ يَدَانِ @@ وقيل : « لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ » لما خلقت بغير واسطة . { أَسْتَكْبَرْتَ } أي عن السجود { أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } أي المتكبرين على ربك . وقرأ محمد بن صالح عن شبل عن ابن كثير وأهل مكة « بِيَدَيَّ اسْتَكْبَرْتَ » موصولة الألف على الخبر وتكون أم منقطعة بمعنى بل مثل : « أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ » وشبهه . ومن استفهم فـ « ـأمْ » معادلة لهمزة الاستفهام وهو تقرير وتوبيخ . أي استكبرت بنفسك حين أبيت عن السجود لآدم ، أم كنت من القوم الذين يتكبرون فتكبرت لهذا . قوله تعالى : { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ } قال الفرّاء : من العرب من يقول أنا أخير منه وأشرُّ منه وهذا هو الأصل إلا أنه حذف لكثرة الاستعمال . { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } فَضَّل النار على الطين وهذا جهل منه لأن الجواهر متجانسة فقاس فأخطأ القياس . وقد مضى في « الأعراف » بيانه . { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا } يعني من الجنة { فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } أي مرجوم بالكواكب والشهب { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ } أي طردي وإبعادي من رحمتي { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } تعريف بإصراره على الكفر لأن اللعن منقطع حينئذٍ ، ثم بدخوله النار يظهر تحقيق اللعن { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أراد الملعون ألا يموت فلم يُجَب إلى ذلك ، وَأُخِّر إلى الوقت المعلوم ، وهو يوم يموت الخلق فيه ، فَأُخّر إليه تهاوناً به . { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } لما طرده بسبب آدم حلف بعزة الله أنه يضل بني آدم بتزيين الشهوات وإدخال الشبه عليهم ، فمعنى : « لأُغْوِيَنَّهُمْ » لأستدعينهم إلى المعاصي وقد علم أنه لا يصل إلا إلى الوسوسة ، ولا يفسد إلا من كان لا يصلح لو لم يوسوسه ولهذا قال : { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } أي الذين أخلصتَهم لعبادتك ، وعصمتهم مني . وقد مضى في « الحجر » بيانه .