Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 84-88)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } هذه قراءة أهل الحرمين وأهل البصرة والكسائي . وقرأ ابن عباس ومجاهد وعاصم والأعمش وحمزة برفع الأول . وأجاز الفرّاء فيه الخفض . ولا اختلاف في الثاني في أنه منصوب بـ « ـأقول » ونصب الأوّل على الإغراء أي فاتبعوا الحق واستمعوا الحق ، والثاني بإيقاع القول عليه . وقيل : هو بمعنى أُحِقّ الحقّ أي أفعله . قال أبو علي : الحق الأوّل منصوب بفعل مضمر أي يحق الله الحق ، أو على القسم وحذف حرف الجر كما تقول : الله لأفعلنّ ومجازه : قال فبالحق وهو الله تعالى أقسم بنفسه . « والْحَقَّ أَقُولُ » جملة اعترضت بين القسم والمقسم عليه ، وهو توكيد القصة ، وإذا جعل الحق منصوباً بإضمار فعل كان « لأملانّ » على إرادة القسم . وقد أجاز الفرّاء وأبو عبيد أن يكون الحق منصوباً بمعنى حقاً « لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ » وذلك عند جماعة من النحويين خطأ لا يجوز زيداً لأضربنّ لأن ما بعد اللام مقطوع مما قبلها فلا يعمل فيه . والتقدير على قولهما لأملانّ جهنم حقّاً . ومن رفع « الحقّ » رفعه بالابتداء أي فأنا الحقُّ أو الحقُّ مني . رويا جميعاً عن مجاهد . ويجوز أن يكون التقدير هذا الحقّ . وقول ثالث على مذهب سيبويه والفراء أن معنى فالحقّ لأملأن جهنم بمعنى فالحق أن أملأ جهنم . وفي الخفض قولان وهي قراءة ابن السَّمَيْقَع وطلحة بن مُصَرِّف : أحدهما أنه على حذف حرف القسم . هذا قول الفراء قال كما يقول : الله عز وجل لأفعلنّ . وقد أجاز مثل هذا سيبويه وغلطه فيه أبو العباس ولم يُجِز الخفض لأن حروف الخفض لا تضمر ، والقول الآخر أن تكون الفاء بدلاً من واو القسم كما أنشدوا : @ فمثـلِـكِ حُبْـلَـى قـد طَـرَقْـتُ ومُـرْضِـع @@ { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ } أي من نفسك وذريتك { وَمِمَّن تَبِعَكَ } من بني آدم { أَجْمَعِينَ } . قوله تعالى : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أي من جُعل على تبليغ الوحي وكنى به عن غير مذكور . وقيل هو راجع إلى قوله : { أَأُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا } [ صۤ : 8 ] . { وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } أي لا أتكلف ولا أتخرص ما لم أومر به . وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : من سئل عما لم يعلم فليقل لا أعلم ولا يتكلف فإن قوله لا أعلم عِلمٌ ، وقد قال الله عز وجل لنبيّه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " للمتكلف ثلاث علامات ينازع مَن فوقه ويتعاطى ما لا ينال ويقول ما لا يعلم " وروى الدَّارَقُطْنِي من حديث نافع عن ابن عمر قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فسار ليلاً فمروا على رجل جالس عند مَقْرَاة له ، فقال له عمر : يا صاحب المَقْرَاة أوْلَغت السباع الليلة في مَقْرَاتك ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « يا صاحب المَقْرَاة لا تخبره هذا متكلِّف لها ما حملت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهور » " وفي الموطأ عن يحيـى بن عبد الرحمن بن حاطب : أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضاً ، فقال عمرو بن العاص : يا صاحب الحوض ! هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر : يا صاحب الحوض لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع وترد علينا . وقد مضى القول في المياه في سورة « الفرقان » . { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ } يعني القرآن { لِّلْعَالَمِينَ } من الجن والإنس . { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } أي نبأ الذكر وهو القرآن أنه حق « بَعْدَ حِينٍ » قال قتادة : بعد الموت . وقاله الزجاج . وقال ابن عباس وعكرمة وابن زيد : يعني يوم القيامة . وقال الفراء : بعد الموت وقبله . أي لتظهر لكم حقيقة ما أقول : « بَعْدَ حِينٍ » أي في المستأنف أي إذا أخذتكم سيوف المسلمين . قال السّدي : وذلك يوم بدر . وكان الحسن يقول : يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين . وسئل عكرمة عمن حلف ليصنعن كذا إلى حين . قال : إن من الحين ما لا تدركه كقوله تعالى { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } ومنه ما تدركه كقوله تعالى : { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } [ إبراهيم : 25 ] من صرام النخل إلى طلوعه ستة أشهر . وقد مضى القول في هذا في « البقرة » و « إبراهيم » والحمد لله .