Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 1-4)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } رفع بالابتداء وخبره { مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } . ويجوز أن يكون مرفوعاً بمعنى هذا تنزيل قاله الفراء . وأجاز الكسائي والفراء أيضاً « تَنْزِيلَ » بالنصب على أنه مفعول به . قال الكسائي : أي اتبعوا واقرؤوا « تَنْزِيلَ الْكِتَابِ » . وقال الفراء : هو على الإغراء مثل قوله : { كِتَابَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } [ النساء : 24 ] أي الزموا . والكتاب القرآن سمي بذلك لأنه مكتوب . قوله تعالى : { إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } أي هذا تنزيل الكتاب من الله وقد أنزلناه بالحق أي بالصدق وليس بباطل وهزل . { فَٱعْبُدِ ٱللَّهَ مُخْلِصاً } فيه مسألتان : الأولى : « مُخْلِصاً » نصب على الحال أي مُوحِّداً لا تشرك به شيئاً { لَّهُ ٱلدِّينِ } أي الطاعة . وقيل : العبادة وهو مفعول به . { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ } أي الذي لا يشوبه شيء . وفي حديث الحسن عن أبي هريرة أن رجلاً قال : يا رسول الله إني أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيئاً شورك فيه " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ } وقد مضى هذا المعنى في « البقرة » و « النساء » و « الكهف » مستوفًى . الثانية : قال ابن العربي : هذه الآية دليل على وجوب النية في كل عمل ، وأعظمه الوضوء الذي هو شطر الإيمان ، خلافاً لأبي حنيفة والوليد بن مسلم عن مالك اللذين يقولان إن الوضوء يكفي من غير نية ، وما كان ليكون من الإيمان شطراً ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر بغير نية . قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } يعني الأصنام والخبر محذوف . أي قالوا : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } قال قتادة : كانوا إذا قيل لهم مَن ربكم وخالقكم ؟ ومن خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء ؟ قالوا : الله ، فيقال لهم ما معنى عبادتكم الأصنام ؟ قالوا ليقربونا إلى الله زلفى ، ويشفعوا لنا عنده . قال الكلبي : جواب هذا الكلام في الأحقاف { فَلَوْلاَ نَصَرَهُمُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُرْبَاناً آلِهَةَ } [ الأحقاف : 28 ] والزلفى القربة أي ليقربونا إليه تقريباً ، فوضع « زُلْفَى » في موضع المصدر . وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ومجاهد « وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى » وفي حرف أُبَيّ « وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُكُمْ إِلاَّ لِتُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى » ذكره النحاس . قال : والحكاية في هذا بينة . { إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } أي بين أهل الأديان يوم القيامة فيجازي كلاً بما يستحق . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ } أي من سبق له القضاء بالكفر لم يهتد أي للدين الذي ارتضاه وهو دين الإسلام كما قال الله تعالى : { وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً } [ المائدة : 3 ] وفي هذا ردّ على القدرية وغيرهم على ما تقدم . قوله تعالى : { لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } أي لو أراد أن يسمي أحداً من خلقه بهذا ما جعله عز وجل إليهم . { سُبْحَانَهُ } أي تنزيهاً له عن الولد { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } .