Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 5-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي هو القادر على الكمال المستغني عن الصاحبة والولد ، ومن كان هكذا فحقه أن يفرد بالعبادة لا أنه يشرك به . ونبه بهذا على أن له أن يتعبد العباد بما شاء وقد فعل . قوله تعالى : { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } قال الضحاك : أي يلقي هذا على هذا وهذا على هذا . وهذا على معنى التكوير في اللغة وهو طرح الشيء بعضه على بعض يقال كوّر المتاع أي ألقى بعضه على بعض ومنه كور العمامة . وقد روي عن ابن عباس هذا في معنى الآية . قال : ما نقص من الليل دخل في النهار وما نقص من النهار دخل في الليل . وهو معنى قوله تعالى : { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } [ فاطر : 13 ] . وقيل : تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوءه ، ويغشى النهار على الليل فيذهب ظلمته ، وهذا قول قتادة . وهو معنى قوله تعالى : { يُغْشِي ٱلْلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } [ الأعراف : 54 ] . { وَسَخَّـرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } أي بالطلوع والغروب لمنافع العباد . { كُـلٌّ يَجْرِي لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } أي في فَلَكه إلى أن تنصرم الدنيا وهو يوم القيامة حين تنفطر السماء وتنتثر الكواكب . وقيل : الأجل المسمى هو الوقت الذي ينتهي فيه سير الشمس والقمر إلى المنازل المرتبة لغروبها وطلوعها . قال الكلبي : يسيران إلى أقصى منازلهما ، ثم يرجعان إلى أدنى منازلهما لا يجاوزانه . وقد تقدم بيان هذا في سورة « يس » . { أَلا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } « ألا » تنبيه أي تنبهوا فإني أنا « الْعَزِيزُ » الغالب « الْغَفَّارُ » الساتر لذنوب خلقه برحمته . قوله تعالى : { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني آدم عليه السلام { ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني ليحصل التناسل وقد مضى هذا في « الأعراف » وغيرها . { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } أخبر عن الأزواج بالنزول ، لأنها تكونت بالنبات والنبات بالماء المنزل . وهذا يسمى التدريج ومثله قوله تعالى : { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } [ الأعراف : 26 ] الآية . وقيل : أنزل أنشأ وجعل . وقال سعيد بن جبير : خلق . وقيل : إن الله تعالى خلق هذه الأنعام في الجنة ثم أنزلها إلى الأرض كما قيل في قوله تعالى : { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } [ الحديد : 25 ] فإن آدم لما هبط إلى الأرض أنزل معه الحديد . وقيل : « وأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ » أي أعطاكم . وقيل : جعل الخلق إنزالاً لأن الخلق إنما يكون بأمر ينزل من السماء . فالمعنى : خلق لكم كذا بأمره النازل . قال قتادة : من الإبل اثنين ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين كل واحد زوج . وقد تقدّم هذا . { يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ } قال قتادة والسّدّي : نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً . ابن زيد : « خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ » خلقا في بطون أمهاتكم من بعد خلقكم في ظهر آدم . وقيل : في ظهر الأب ثم خلقا في بطن الأم ثم خلقا بعد الوضع . ذكره الماوردي . { فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ } ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المَشِيمَة . قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك . وقال ابن جبير : ظلمة المَشِيمَة وظلمة الرَّحِم وظلمة الليل . والقول الأول أصح . وقيل : ظلمة صُلْب الرجل وظلمة بطن المرأة وظلمة الرَّحِم . وهذا مذهب أبي عبيدة . أي لا تمنعه الظلمة كما تمنع المخلوقين . { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ } أي الذي خلق هذه الأشياء { رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } . { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } أي كيف تنقلبون وتنصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره . وقرأ حمزة : « إِمِّهَاتِكُمْ » بكسر الهمزة والميم . والكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم . الباقون بضم الهمزة وفتح الميم .