Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 162-162)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ } استثنى مؤمني أهل الكتاب وذلك أن اليهود أنكروا وقالوا : إن هذه الأشياء كانت حراما في الأصل وأنت تحلها ولم تكن حرّمت بظلمنا : فنزل { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ } والراسخ هو المبالغ في علم الكتاب الثابت فيه ، والرّسوخ الثبوت وقد تقدّم في « آل عمران » والمراد عبدالله بن سلام وكعب الأحبار ونظراؤهما . { وَٱلْمُؤْمِنُونَ } أي من المهاجرين والأنصار ، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم . { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } وقرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة : « والمقيمون » على العطف ، وكذا هو في حرف عبدالله ، وأما حرف أبيّ فهو فيه « والمُقِيمِين » كما في المصاحف . واختلف في نصبه على أقوال ستة أصحها قول سيبويه بأنه نصِب على المدح أي وأعني المقيمين قال سيبويه : هذا باب ما ينتصب على التعظيم ومن ذلك « والمُقِيمِين الصَّلاَةَ » وأنشد . @ وكل قومٍ أطاعوا أمر سيِدهم إلا نميرا أطاعت أمر غاويها @@ ويروى أمر مرشدهم . @ الظّاعِنين ولما يُظْعِنُوا أحداً والقائِلُونَ لِمَنْ دارٌ نُخَلِّيها @@ وأنشد : @ لا يَبْعدَنْ قومي الَّذين هُمُ سُمُّ العُداةِ وآفَةُ الجُزْر النّازِلِين بكُلِّ مُعْتَرَكٍ والطّيّبُونَ مَعَاقِدَ الأُزْرِ @@ قال النحاس : وهذا أصحّ ما قيل في « المقيمين » وقال الكسائي : « والمقيمين » معطوف على « ما » قال النحاس قال الأخفش : وهذا بعيد لأن المعنى يكون ويؤمنون بالمقيمين . وحكى محمد بن جرير أنه قيل له : إن المقيمين هٰهنا الملائكة عليهم السلام لدوامهم على الصلاة والتسبيح والاستغفار ، وأختار هذا القول ، وحكى أن النصب على المدح بعيد لأن المدح إنما يأتي بعد تمام الخبر ، وخبر الراسخين في « أُولَئِكَ سَنُؤتَيِهِمْ أَجْراً عَظِيماً » فلا ينتصب « المقيمين » على المدح . قال النحاس : ومذهب سيبويه في قوله : « والمؤتون » رفع بالإبتداء . وقال غيره : هو مرفوع على إضمار مبتدأ أي هم المؤتون الزكاة وقيل : « والمقِيِمين » عطف على الكاف التي في « قَبلِكَ » أي من قبلك ومن قبل المقيمين . وقيل : « المقِيمين » عطف على الكاف التي في « إلَيْكَ » وقيل : هو عطف على الهاء والميم أي منهم ومن المقيمين وهذه الأجوبة الثلاثة لا تجوز لأن فيها عطف مظهر على مضمر مخفوض . والجواب السادس ما روى أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن هذه الآية وعن قوله : { إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ } [ طه : 63 ] وقوله : { وَٱلصَّابِئُونَ } [ المائدة : 69 ] في « المائدة » فقالت للسائل : يا بن أخي الكُتّاب أخطئوا . وقال أبان بن عثمان : كان الكاتب يُملَى عليه فيكتب فكتب { لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ } ثم قال له : ما أكتب ؟ فقيل له : اكتب { وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ } فمن ثَمّ وقع هذا . قال القُشيري : وهذا المسلك باطل لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة ، فلا يظنّ بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل . وأصح هذه الأقوال قول سيبويه وهو قول الخليل ، وقول الكسائي هو اختيار القَفّال والطبري ، والله أعلم .