Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-77)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس " أن عبد الرحمن بن عَوْف وأصحاباً له أتوا النبيّ صلى الله عليه وسلم بمكة فقالوا : يا نبي الله ، كنا في عِزّ ونحن مشركون ، فلما آمنّا صرنا أذلّة ؟ فقال : « إني أُمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم » . فلما حوّله الله تعالى إلى المدينة أمره بالقتال فكفّوا ، فنزلت الآية " ، أخرجه النسائي في سننه ، وقاله الكَلْبي . وقال مجاهد : هم يهود . قال الحسن : هي في المؤمنين لقوله : { يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ } أي مشركي مكة { كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ } فهي على ما طبع عليه البشر من المخافة لا على المخالفة . قال السُّدِّي : هم قوم أسلموا قبل فرض القتال فلما فُرض كرِهوه . وقيل : هو وصف للمنافقين والمعنى يخشون القتل من المشركين كما يخشون الموت من الله . { أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } أي عندهم وفي اعتقادهم . قلت : وهذا أشبه بسياق الآية ، لقوله : { وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي هَلاّ ، ولا يَلِيها إلا الفعل . ومعاذ الله أن يصدر هذا القول من صحابيّ كريم يعلم أن الآجال محدودة والأرزاق مقسومة ، بل كانوا لأوامر الله ممتثلين سامعين طائعين ، يرون الوصول إلى الدار الآجلة خيراً من المقام في الدار العاجلة ، على ما هو معروف من سيرتهم رضي الله عنهم . اللَّهُم إلا أن يكون قائله ممن لم يرسخ في الإيمان قدمه ، ولا ٱنشرح بالإسلام جَنانه ، فإن أهل الإيمان متفاضلون فمنهم الكامل ومنهم الناقص ، وهو الذي تنفر نفسه عما يؤمر به فيما تلحقه فيه المشقة وتدركه فيه الشدّة . والله أعلم . قوله تعالى : { قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } ابتداء وخبر . وكذا { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ } أي المعاصي وقد مضى القول في هذا في « البقرة » ومتاعُ الدنيا منفعتها والاستمتاعُ بلذاتها وسماه قليلاً لأنه لا بقاء له . وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " مَثَلي ومثَلُ الدنيا كراكبٍ قال قَيْلُولة تحت شجرة ثم راح وتركها " وقد تقدّم هذا المعنى في « البقرة » مستوفًى .