Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 55-59)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي فاصبر يا محمد على أذى المشركين ، كما صبر من قبلك « إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ » بنصرك وإظهارك ، كما نصرت موسى وبني إسرائيل . وقال الكلبي : نسخ هذا بآية السيف . { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } قيل : لذنب أمتك حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . وقيل : لذنب نفسك على من يجوّز الصغائر على الأنبياء . ومن قال لا تجوز قال : هذا تعبد للنبي عليه السلام بدعاء كما قال تعالى : { وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا } [ آل عمران : 194 ] والفائدة زيادة الدرجات وأن يصير الدعاء سنة لمن بعده . وقيل : فاستغفر الله من ذنب صدر منك قبل النبوة . { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } يعني صلاة الفجر وصلاة العصر قاله الحسن وقتادة . وقيل : هي صلاة كانت بمكة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتان غُدْوة وركعتان عشيّة . عن الحسن أيضاً ذكره الماوردي . فيكون هذا مما نسخ والله أعلم . وقوله : { بِحَمْدِ رَبِّكَ } بالشكر له والثناء عليه . وقيل : « وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ » أي استدم التسبيح في الصلاة وخارجاً منها لتشتغل بذلك عن استعجال النصر . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ } يخاصمون { فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } أي حجة { أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } قال الزجاج : المعنى ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغي إرادتهم فيه . قدره على الحذف . وقال غيره : المعنى ما هم ببالغي الكبر على غير حذف لأن هؤلاء قوم رأوا أنهم إن اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم قل ارتفاعهم ، ونقصت أحوالهم ، وأنهم يرتفعون إذا لم يكونوا تبعاً ، فاعلم الله عز وجل أنهم لا يبلغون الارتفاع الذي أملوه بالتكذيب . والمراد المشركون . وقيل : اليهود فالآية مدنية على هذا كما تقدم أول السورة . والمعنى : إن تعظَّموا عن اتباعِ محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا إن الدجال سيخرج عن قريب فيردّ الملك إلينا ، وتسير معه الأنهار ، وهو آية من آيات الله فذلك كبر لا يبلغونه فنزلت الآية فيهم . قاله أبو العالية وغيره . وقد تقدم في « آل عمران » أنه يخرج ويطأ البلاد كلها إلا مكة والمدينة . وقد ذكرنا خبره مستوفى في كتاب « التذكرة » . وهو يهودي واسمه صاف ويكنى أبا يوسف . وقيل : كل من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم . وهذا حسن لأنه يعم . وقال مجاهد : معناه في صدورهم عظمة ما هم ببالغيها والمعنى واحد . وقيل : المراد بالكبر الأمر الكبير أي يطلبون النبوة أو أمراً كبيراً يصلون به إليك من القتل ونحوه ، ولا يبلغون ذلك . أو يتمنون موتك قبل أن يتم دينك ولا يبلغونه . قوله تعالى : { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } قيل : من فتنة الدجال على قول من قال إن الآية نزلت في اليهود . وعلى القول الآخر من شر الكفار . وقيل : من مثل ما ابتلوا به من الكفر والكبر . { إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } « هُوَ » يكون فاصلاً ويكون مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر إن على ما تقدم . قوله تعالى : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } مبتدأ وخبره . قال أبو العالية : أي أعظم من خلق الدجال حين عظّمته اليهود . وقال يحيـى بن سلام : هو احتجاج على منكري البعث أي هما أكبر من إعادة خلق الناس فلم اعتقدوا عجزي عنها . { وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ذلك . قوله تعالى : { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } أي المؤمن والكافر والضال والمهتدي . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي ولا يستوي العامل للصالحات { وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ } الذي يعمل السيئات . { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } قراءة العامة بياء على الخبر واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لأجل ما قبله من الخبر وما بعده . وقرأ الكوفيون بالتاء على الخطاب . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ } هذه لام التأكيد دخلت في خبر إن وسبيلها أن تكون في أوّل الكلام لأنها توكيد الجملة إلا أنها تُزحلَق عن موضعها كذا قال سيبويه . تقول : إن عمراً لخارج وإنما أخرت عن موضعها لئلا يجمع بينها وبين إنّ لأنهما يؤدّيان عن معنى واحد ، وكذا لا يجمع بين إنّ وأنّ عند البصريين . وأجاز هشام إنّ أنّ زيداً منطلق حقّ فإن حذفت حقّاً لم يجز عند أحد من النحويين علمته قاله النحاس . { لاَّ رَيْبَ فِيهَا } لا شك ولا مرية . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي لا يصدّقون بها وعندها يبين فرق ما بين الطائع والعاصي .