Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 13-16)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ } يعني كفار قريش عما تدعوهم إليه يا محمد من الإيمان . { فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } أي خوفتكم هلاكاً مثل هلاك عاد وثمود . { إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } يعني من أرسل إليهم وإلى من قبلهم { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } موضع « أَنْ » نصب بإسقاط الخافض أي بـ « ـأَلاَّ تَعْبُدُوا » و { قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً } بدل الرسل { فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } من الإنذار والتبشير . قيل : هذا استهزاء منهم . وقيل : إقرار منهم بإرسالهم ثم بعده جحود وعناد . قوله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } على عباد الله هود ومن آمن معه { بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } اغتروا بأجسامهم حين تهدّدهم بالعذاب ، وقالوا : نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوّتنا . وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم . وقد مضى في « الأعراف » عن ابن عباس : أن أطولهم كان مائة ذراع وأقصرهم كان ستين ذراعاً . فقال الله تعالى ردًّا عليهم : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } وقدرة ، وإنما يقدر العبد بإقدار الله ، فالله أقدر إذاً . { وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } أي بمعجزاتنا يكفرون . قوله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } هذا تفسير الصاعقة التي أرسلها عليهم ، أي ريحاً باردة شديدة البرد وشديدة الصوت والهبوب . ويقال : أصلها صَرَّرَ من الصِّر وهو البرد فأبدلوا مكان الراء الوسطى فاء الفعل كقولهم كَبْكَبوا أصله كبَبَّوا ، وتَجَفْجَفَ الثوبُ أصله تجفَّف . أبو عبيدة : معنى صَرْصَر : شديدة عاصفة . عكرمة وسعيد بن جبير : شديدة البرد . وأنشد قُطْرُب قول الحطيئة : @ المُطْعِمون إذا هَبّتْ بصَرْصَرةٍ والحامِلون إذا اسْتُودُوا على النَّاسِ @@ استودوا : إذا سئلوا الدية . مجاهد : الشديدة السموم . وروى معمر عن قتادة قال : باردة . وقاله عطاء لأن « صَرْصَراً » مأخوذ من صرّ والصرّ في كلام العرب البرد كما قال : @ لها عُذَرٌ كقُرون النِّسا ءِ رُكِّبْنَ في يومِ ريح وصِرْ @@ وقال السدي : الشديدة الصّوت . ومنه صَرّ القلمُ والباب يصِرّ صرِيراً أي صَوَّت . ويقال : درهم صَرِّيٌّ وصِرِّيٌّ للذي له صوت إذا نُقِد . قال ابن السِّكيّت : صَرْصَرْ يجوز أن يكون من الصِّر وهو البرد ، ويجوز أن يكون من صرِير الباب ، ومن الصَّرة وهي الصيحة . ومنه { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } [ الذاريات : 29 ] . وصَرْصَرْ اسم نهر بالعراق . { فِيۤ أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } أي مشؤومات قاله مجاهد وقتادة . كنّ آخر شوّال من يوم الأربعاء إلى يوم الأربعاء وذلك { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } [ الحاقة : 7 ] قال ابن عباس : ما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء . وقيل « نَحِسَاتٍ » باردات حكاه النقاش . وقيل : متتابعات عن ابن عباس وعطية . الضحاك : شِداد . وقيل : ذات غبار حكاه ابن عيسى . ومنه قول الراجز : @ قدِ اغْتَدى قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ لِلصَّيْدِ في يَوْمٍ قَليلِ النَّحْسِ @@ قال الضحاك وغيره : أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين ، ودرّت الرياح عليهم في غير مطر ، وخرج منهم قوم إلى مكة يستسقون بها للعباد ، وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو جهد طلبوا إلى الله تعالى الفرج منه ، وكانت طلبتهم ذلك من الله تعالى عن بيته الحرام مكة مسلمهم وكافرهم ، فيجتمع بمكة ناس كثير شتى ، مختلفة أديانهم ، وكلهم مُعظِّم لمكة ، عارف حرمتها ومكانها من الله تعالى . وقال جابر بن عبد الله التيمي : إذا أراد الله بقوم خيراً أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح ، وإذا أراد الله بقوم شراً حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح . وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو « نَحْسَاتٍ » بإسكان الحاء على أنه جمع نحس الذي هو مصدر وصف به . الباقون : « نَحِسَاتٍ » بكسر الحاء أي ذوات نحس . ومما يدل على أن النحس مصدر قوله : { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } [ القمر : 19 ] ولو كان صفة لم يضف اليوم إليه وبهذا كان يحتج أبو عمرو على قراءته واختاره أبو حاتم . واختار أبو عبيد القراءة الثانية وقال : لا تصح حجة أبي عمرو لأنه أضاف اليوم إلى النحس فأسكن ، وإنما كان يكون حجة لو نوّن اليوم ونعت وأسكن فقال : « فِي يَوْمٍ نَحْسٍ » وهذا لم يقرأ به أحد نعلمه . وقال المهدوي : ولم يسمع في « نَحْسٍ » إلا الإسكان . قال الجوهري : وقرىء في قوله : « فِي يَوْمِ نَحْسٍ » على الصفة ، والإضافة أكثر وأجود . وقد نحِس الشيء بالكسر فهو نحس أيضاً قال الشاعر : @ أبلِغ جذاما ولَخْما أنّ إخوتهم طَيًّا وبَهْراء قوم نصرهم نحِس @@ ومنه قيل : أيام نَحِسَاتٍ . { لِّنُذِيقَهُمْ } أي لكي نذيقهم { عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } بالريح العقيم . { وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَخْزَىٰ } أي أعظم وأشدّ { وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ } .