Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 30-32)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال عطاء عن ابن عباس : نزلت هذه الآية في أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه وذلك أن المشركين قالوا ربُّنا الله والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا . وقال أبو بكر : ربُّنا الله وحده لا شريك له ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله فاستقام . وفي الترمذي عن أنس بن مالك : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } قال : « قد قال الناس ثم كفر أكثرهم فمن مات عليها فهو ممن استقام » " قال : حديث غريب . ويروى في هذه الآية عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ معنى { ٱسْتَقَامُواْ } ففي صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفيّ قال : قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك وفي رواية غيرك . قال : " قل آمنت بالله ثم استقم " زاد الترمذي قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ ؟ فأخذ بلسان نفسه وقال : « هذا » . وروي عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه أنه قال : { ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } لم يشركوا بالله شيئاً . وروى عنه الأسود بن هلال أنه قال لأصحابه : ما تقولون في هاتين الآيتين { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } و { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] فقالوا : استقاموا فلم يذنبوا ولم يلبسوا إيمانهم بخطيئة فقال أبو بكر : لقد حملتموها على غير المحمل { قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } فلم يلتفتوا إلى إلٰه غيره { وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ } بشرك { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } . وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر وهو يخطب : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } فقال : استقاموا والله على الطريقة لطاعته ثم لم يَرغُوا روغان الثعالب . وقال عثمان رضي الله عنه : ثم أخلصوا العمل لله . وقال عليّ رضي الله عنه : ثم أدوا الفرائض . وأقوال التابعين بمعناها . قال ابن زيد وقتادة : استقاموا على الطاعة لله . الحسن : استقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته . وقال مجاهد وعكرمة : استقاموا على شهادة أن لا إلٰه إلا الله حتى ماتوا . وقال سفيان الثوري : عملوا على وِفاق ما قالوا . وقال الربيع : أعرضوا عما سوى الله . وقال الفضيل بن عياض : زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية . وقيل : استقاموا إسراراً كما استقاموا إقراراً . وقيل : استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً . وقال أنس : لما نزلت هذه الآية قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " هم أمتي وربِّ الكعبة " وقال الإمام ابن فُورك : السين سين الطلب مثل استسقى أي سألوا من الله أن يثبتهم على الدين . وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال : اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة . قلت : وهذه الأقوال وإن تداخلت فتلخيصها : اعتدلوا على طاعة الله عقداً وقولاً وفعلاً ، وداموا على ذلك . { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } قال ابن زيد ومجاهد : عند الموت . وقال مقاتل وقتادة : إذا قاموا من قبورهم للبعث . وقال ابن عباس : هي بشرى تكون لهم من الملائكة في الآخرة . وقال وكيع وابن زيد : البشرى في ثلاثة مواطن عند الموت وفي القبر وعند البعث . { أَلاَّ تَخَافُواْ } أي بـ « ـأَلاَّ تَخَافُوا » فحذف الجار . وقال مجاهد : لا تخافوا الموت { وَلاَ تَحْزَنُواْ } على أولادكم فإن الله خليفتكم عليهم . وقال عطاء بن أبي رباح : لا تخافوا رد ثوابكم فإنه مقبول ، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم . وقال عكرمة : ولا تخافوا أمامكم ، ولا تحزنوا على ذنوبكم . { وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } . قوله تعالى : { نَحْنُ أَوْلِيَآؤُكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } أي تقول لهم الملائكة الذين تتنزل عليهم بالبشارة « نَحْنُ أَوْلِيَاءُكُمْ » قال مجاهد : أي نحن قرناؤكم الذين كنا معكم في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة قالوا لا نفارقكم حتى ندخلكم الجنة . وقال السدي : أي نحن الحفظة لأعمالكم في الدنيا وأولياؤكم في الآخرة . ويجوز أن يكون هذا من قول الله تعالى والله ولِي المؤمِنِينَ ومولاهم . { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِيۤ أَنفُسُكُمْ } أي من الملاذّ . { وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ } تسألون وتتمنون . { نُزُلاً } أي رزقاً وضيافة . وقد تقدّم في « آل عمران » وهو منصوب على المصدر أي أنزلناه نزلاً . وقيل : على الحال . وقيل : هو جمع نازل ، أي لكم ما تدعون نازلين ، فيكون حالاً من الضمير المرفوع في « تَدَّعُونَ » أو من المجرور في « لَكُمْ » .