Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { حـمۤ * عۤسۤقۤ } قال عبد المؤمن : سألت الحسين بن الفضل : لم قطع « حۤم » من « عۤـسۤـقۤ » ولم تقطع « كهيعص » و « المۤـرۤ » و « المۤـصۤ » ؟ فقال : لأن « حۤـمۤ . عسق » بين سُوَرٍ أوّلها « حۤم » فجرت مجرى نظائرها قبلها وبعدها فكأن « حۤم » مبتدأ و « عۤـسۤـقۤ » خبره . ولأنها عدّت آيتين ، وعدّت أخواتها اللواتي كتبت جملة آية واحدة . وقيل : إن الحروف المعجمة كلها في المعنى واحد ، من حيث إنها أس البيان وقاعدة الكلام ذكره الجُرْجَانِي . وكتبت « حۤم . عَـسۤـقۤ » منفصلاً و « كهيعص » متصلاً لأنه قيل : حۤم أي حمّ ما هو كائن ، ففصلوا بين ما يقدّر فيه فعل وبين ما لا يقدّر . ثم لو فُصل هذا ووُصِل ذا لجاز حكاه القُشيري . وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس « حۤم . سق » قال ابن عباس : وكان عليّ رضي الله عنه يعرف الفتن بها . وقال أرطاة بن المنذر ، قال رجل لابن عباس وعنده حذيفة بن اليمان : أخبرني عن تفسير قوله تعالى : « حۤم . عَـسۤـقۤ » ؟ فأعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثاً فأعرض عنه . فقال حذيفة بن اليمان : أنا أنبئك بها ، قد عرفت لِم تركها نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإلٰه أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق ، يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقاً ، فإذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ، بعث على إحداهما ناراً ليلاً فتصبح سوداءَ مظلمة ، فتحترق كلها كأنها لم تكن مكانها فتصبح صاحبتها متعجبة ، كيف قُلبت ! فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد ، ثم يخسف الله بها وبهم جميعاً فذلك قوله : « حۤم . عۤـسۤـقۤ » أي عزمة من عزمات الله ، وفتنة وقضاء حُمّ : حۤم . « ع » : عدلاً منه ، « س » : سيكون ، « ق » : واقع في هاتين المدينتين . ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البَجَليّ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تُبنى مدينة بين دجْلة ودُجيل وقُطْرَبُلّ والصَّراة ، يجتمع فيها جبابرة الأرض تجبى إليها الخزائن يخسف بها وفي رواية بأهلها فَلهِيَ أسرع ذهاباً في الأرض من الوَتِد الجيّد في الأرض الرَّخوة " وقرأ ابن عباس « حۤم . سۤـقۤ » بغير عين . وكذلك هو في مصحف عبد الله بن مسعود حكاه الطبري . وروى نافع عن ابن عباس : « الحاء » حلمه ، و « الميم » مجده ، و « العين » علمه ، و « السين » سَنَاه ، و « القاف » قدرته أقسم الله بها . وعن محمد بن كعب : أقسم الله بحلمه ومجده وعلوّه وسَنَاه وقدرته ألا يُعذِّب من عاذ بلا إلٰه إلا الله مخلصاً من قلبه . وقال جعفر بن محمد وسعيد بن جبير : « الحاء » من الرحمٰن ، و « الميم » من المجيد ، و « العين » من العليم ، و « السين » من القدّوس ، و « القاف » من القاهر . وقال مجاهد : فواتح السور . وقال عبد الله بن بُريدة : إنه اسم الجبل المحيط بالدنيا . وذكر القشيريّ ، واللفظ للثعلبيّ : " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية عُرفت الكآبة في وجهه فقيل له : يا رسول الله ، ما أحزنك ؟ قال : « أخبِرت ببلايا تنزل بأمتي من خَسْف وقذف ونارٍ تحشرهم وريح تقذفهم في البحر وآياتٍ متتابعات متّصلات بنزول عيسى وخروج الدجال » " والله أعلم . وقيل : هذا في شأن النبيّ صلى الله عليه وسلم فـ « ـالحاء » حوضه المورود ، و « الميم » ملكه الممدود ، و « العين » عزه الموجود ، و « السين » سناه المشهود ، و « القاف » قيامه في المقام المحمود ، وقربه في الكرامة من الملِك المعبود . وقال ابن عباس : ليس من نبيّ صاحب كتاب إلا وقد أوحي إليه : « حۤم . عۤـسۤـقۤ » فلذلك قال : { يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } . المهدويّ : وقد جاء في الخبر أن « حۤم . عۤـسۤـقۤ » معناه أوْحيت إلى الأنبياء المتقدّمين . وقرأ ابن مُحَيْصِن وابن كثير ومجاهد « يُوحَى » بفتح الحاء على ما لم يُسَمَّ فاعله وروي عن ابن عمر . فيكون الجار والمجرور في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل ، ويجوز أن يكون اسم ما لم يسمّ فاعله مضمراً أي يوحى إليك القرآن الذي تضمنته هذه السورة ، ويكون اسم الله مرفوعاً بإضمار فعل ، التقدير : يوحيه الله إليك كقراءة ابن عامر وأبي بكر : { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ رِجَالٌ } [ النور : 36 - 37 ] أي يسبحه رجال . وأنشد سيبويه : @ لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ بخصومة وأشعثُ ممن طوّحته الطوائح @@ فقال : لِيُبْكَ يزيد ، ثم بيّن من ينبغي أن يبكيه ، فالمعنى يبكيه ضارع . ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف كأنه قال : الله يوحيه . أو على تقدير إضمار مبتدأ أي الموحي الله . أو يكون المبتدأ والخبر « الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » . وقرأ الباقون « يُوحِي إِلَيْكَ » بكسر الحاء ، ورفع الاسم على أنه الفاعل : { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } تقدّم في غير موضع .