Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 5-5)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { تَكَادُ ٱلسَّمَاوَاتُ } قراءة العامة بالتاء . وقرأ نافع وابن وَثّاب والكسائيّ بالياء . { يَتَفَطَّرْنَ } قرأ نافع وغيره بالياء والتاء والتشديد في الطاء ، وهي قراءة العامة . وقرأ أبو عمرو وأبو بكر والمفضّل وأبو عبيد « يَنْفَطِرْنَ » من الانفطار كقوله تعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } [ الانفطار : 1 ] وقد مضى في سورة « مريم » بيان هذا . وقال ابن عباس : « تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ » أي تكاد كل واحدة منها تنفطر فوق التي تليها من قول المشركين : { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } [ الكهف : 4 ] . وقال الضحاك والسدي : « يَتَفَطَّرْنَ » أي يتشققن من عظمة الله وجلاله فوقهن . وقيل : « فوقهن » : فوق الأرضين من خشية الله لو كنّ مما يعقل . قوله تعالى : { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أي ينزهونه عما لا يجوز في وصفه ، وما لا يليق بجلاله . وقيل يتعجبون من جرأة المشركين فيُذكر التسبيح في موضع التعجّب . وعن عليّ رضي الله عنه : أن تسبيحهم تعجّب مما يرون من تعرّضهم لسخط الله . وقال ابن عباس : تسبيحهم خضوع لما يرون من عظمة الله . ومعنى « بِحَمْدِ رَبِّهِمْ » : بأمر ربهم قاله السُّدِّي . { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } قال الضحاك : لمن في الأرض من المؤمنين وقاله السدي . بيانه في سورة المؤمن : « وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » . وعلى هذا تكون الملائكة هنا حملة العرش . وقيل : جميع ملائكة السماء وهو الظاهر من قول الكلبيّ . وقال وهب بن منبّه : هو منسوخ بقوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } . قال المهدوِيّ : والصحيح أنه ليس بمنسوخ لأنه خبر ، وهو خاص للمؤمنين . وقال أبو الحسن الماوَرْدِيّ عن الكلبيّ : إن الملائكة لما رأت الملكين اللَّذَين اخْتُبِرا وبُعِثا إلى الأرض ليحكما بينهم ، فافتتنا بالزُّهَرَة وهربا إلى إدريس وهو جَدّ أبي نوح عليهما السلام وسألاه أن يدعُوَ لهما ، سبَّحت الملائكة بحمد ربهم وٱستغفرت لبني آدم . قال أبو الحسن بن الحصار : وقد ظن بعض مَن جهل أن هذه الآية نزلت بسبب هاروت وماروت ، وأنها منسوخة بالآية التي في المؤمن ، وما علموا أن حملة العرش مخصوصون بالاستغفار للمؤمنين خاصة ، وللّه ملائكة أُخر يستغفرون لمن في الأرض . الماورديّ : وفي استغفارهم لهم قولان : أحدهما من الذنوب والخطايا وهو ظاهر قول مقاتل . الثاني أنه طلب الرزق لهم والسَّعة عليهم قاله الكلبيّ . قلت : وهو أظهر ، لأن الأرض تعمّ الكافر وغيره ، وعلى قول مقاتل لا يدخل فيه الكافر . وقد روي في هذا الباب خبر رواه عاصم الأحول عن أبي عثمان عن سَلْمان قال : إن العبد إذا كان يذكر الله في السراء فنزلت به الضراء قالت الملائكة : صوت معروف من آدميّ ضعيف ، كان يذكر الله تعالى في السراء فنزلت به الضراء فيستغفرون له . فإذا كان لا يذكر الله في السراء فنزلت به الضراء قالت الملائكة : صوت منكر من آدمي كان لا يذكر الله في السراء فنزلت به الضراء فلا يستغفرون الله له . وهذا يدل على أن الآية في الذاكرِ للّهِ تعالى في السراء والضراء ، فهي خاصّة ببعض مَن في الأرض من المؤمنين . والله أعلم . ويحتمل أن يقصدوا بالاستغفار طلب الحلم والغفران في قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ إلى أن قال إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } [ فاطر : 41 ] ، وقولِه تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } [ الرعد : 6 ] . والمراد الحلم عنهم وألا يعاجلهم بالانتقام فيكون عاماً قاله الزمخشِريّ . وقال مُطَرِّف : وجدنا أنصح عبادِ الله لعباد الله الملائكة ، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين . وقد تقدّم . { أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } قال بعض العلماء : هَيّب وعَظَّم جلّ وعزّ في الابتداء ، وألطف وبشّر في الانتهاء .