Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 43, Ayat: 18-19)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي ٱلْحِلْيَةِ } فيه مسألتان : الأولى قوله تعالى : { أَوَمَن يُنَشَّأُ } أي يُرَبَّى ويَشِبّ . والنُّشوء : التربية يقال : نشأت في بني فلان نَشْئاً ونشوءاً إذا شَبَبْتَ فيهم . ونُشِّىء وأنشىء بمعنًى . وقرأ ابن عباس والضحاك وابن وَثّاب وحفص وحمزة والكسائي وخلف « يُنَشَّأ » بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين أي يربى ويَكْبَر في الحِلْية . وٱختاره أبو عبيد ، لأن الإسناد فيها أعلى . وقرأ الباقون « يَنْشأ » بفتح الياء وإسكان النون ، وٱختاره أبو حاتم أي يرسخ ويثبت ، وأصله من نشأ أي ارتفع ، قاله الهروي . فـ « ـيُنَشّأ » متعد ، و « ينشأ » لازم . الثانية قوله تعالى : { فِي ٱلْحِلْيَةِ } أي في الزينة . قال ابن عباس وغيره : هنّ الجواري زِيُّهن غير زيّ الرجال . قال مجاهد : رخص للنساء في الذهب والحرير وقرأ هذه الآية . قال الكيا : فيه دلالة على إباحة الحُلِيّ للنساء ، والإجماع منعقد عليه والأخبار فيه لا تحصى . قلت روي عن أبي هريرة أنه كان يقول لابنته : يا بنيّة ، إياك والتحلّي بالذهب ! فإني أخاف عليك اللهب . قوله تعالى : { وَهُوَ فِي ٱلْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } أي في المجادلة والإدلاء بالحجة . قال قتادة ، ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها . وفي مصحف عبد الله « وهو في الكلام غير مبين » . ومعنى الآية : أيضاف إلى الله مَن هذا وصفه ! أي لا يجوز ذلك . وقيل : المنّشأ في الحلية أصنامهم التي صاغوها من ذهب وفضة وحلّوْها قاله ابن زيد والضحاك . ويكون معنى « وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ » على هذا القول : أي ساكت عن الجواب . و « من » في محل نصب ، أي اتخذوا للّه من ينشأ في الحِلية . ويجوز أن يكون رفعاً على الابتداء والخبر مضمر قاله الفرّاء . وتقديره : أومن كان على هذه الحالة يستحق العبادة . وإن شئت قلت خفض رداً إلى أوّل الكلام وهو قوله : { بِمَا ضَرَبَ } ، أو على « ما » في قوله : { مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ } . وكون البدل في هذين الموضعين ضعيف لكون ألف الاستفهام حائلة بين البدل والمبدل منه . { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً } قرأ الكوفيون « عِبَادُ » بالجمع . واختاره أبو عبيد لأن الإسناد فيها أعلى ، ولأن الله تعالى إنما كذبهم في قولهم إنهم بنات الله ، فأخبرهم أنهم عبيد وأنهم ليسوا ببناته . وعن ٱبن عباس أنه قرأ « عُبَّادُ الرَّحْمَنِ » ، فقال سعيد بن جبير : إن في مصحفي « عبد الرحمٰن » فقال : ٱمحها واكتبها « عِبَادُ الرَّحْمَنِ » . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [ الأنبياء : 26 ] . وقوله تعالى : { أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ } [ الكهف : 102 ] . وقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } [ الأعراف : 194 ] . وقرأ الباقون « عند الرحمٰن » بنون ساكنة واختاره أبو حاتم . وتصديق هذه القراءة قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ } [ الأعراف : 206 ] وقوله : { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ } [ الأنبياء : 19 ] . والمقصود إيضاح كذبهم وبيان جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه ، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله . وذِكر العباد مدح لهم أي كيف عبدوا من هو في نهاية العبادة ، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل . والجعل هنا بمعنى القول والحُكْم تقول : جعلت زيداً أعلم الناس أي حكمت له بذلك . { أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ } أي أحضروا حالة خلقهم حتى حكموا بأنهم إناث . وقيل : " إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : « فما يدريكم أنهم إناث » ؟ فقالوا : سمعنا بذلك من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا في أنهم إناث " ، فقال الله تعالى : { سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } أي يسألون عنها في الآخرة . وقرأ نافع « أُوشْهِدوا » بهمزة ٱستفهام داخلة على همزة مضمومة مسهّلة ، ولا يمدّ سوى ما روى المسيّبِي عنه أنه يمدّ . وروى المفضل عن عاصم مثل ذلك وتحقّق الهمزتين . والباقون « أَشَهِدُوا » بهمزة واحدة للاستفهام . وروي عن الزهري « أُشْهِدُوا خَلْقَهُمْ » على الخبر ، « سَتُكْتَبُ » قراءة العامة بضم التاء على الفعل المجهول « شَهَادَتُهُمْ » رفعاً . وقرأ السُّلمِي وٱبن السمَيْقَع وهُبيرة عن حفص « سَنَكْتُبُ » بنون ، « شَهَادَتَهُمْ » نصباً بتسمية الفاعل . وعن أبي رجاء « سَتُكْتَبُ شَهَادَاتُهُمْ » بالجمع .