Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 16-17)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ } أي من هؤلاء الذين يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، وزُيّن لهم سوء عملهم قوم يستمعون إليك وهم المنافقون : عبد الله بن أُبَيّ بن سَلُول ورفاعة بن التابوت وزيد بن الصليت والحارث بن عمرو ومالك بن دُخْشم ، كانوا يحضرون الخطبة يوم الجمعة فإذا سمعوا ذكر المنافقين فيها أعرضوا عنه ، فإذا خرجوا سألوا عنه قاله الكلبي ومقاتل . وقيل : كانوا يحضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المؤمنين فيستمعون منه ما يقول ، فيَعِيَه المؤمن ولا يعيه الكافر . { حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } أي إذا فارقوا مجلسك . { قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } قال عكرمة : هو عبد الله بن العباس . قال ٱبن عباس : كنت ممن يُسأل ، أي كنت من الذين أوتوا العلم . وفي رواية عن ابن عباس : أنه يريد عبد الله بن مسعود . وكذا قال عبد الله بن بريدة : هو عبد الله بن مسعود . وقال القاسم بن عبد الرحمٰن : هو أبو الدرداء . وقال ابن زيد : إنهم الصحابة . { مَاذَا قَالَ آنِفاً } أي الآن على جهة الاْستهزاء . أي أنا لم ألتفت إلى قوله . و « آنِفاً » يراد به الساعة التي هي أقرب الأوقات إليك من قولك : ٱستأنفت الشيء إذا ٱبتدأت به . ومنه أَمْرٌ أُنُف ، ورَوْضة أنُف أي لم يرعها أحد . وكأس أنف : إذا لم يُشرب منها شيء كأنه ٱستؤنف شربها مثل روضة أنف . قال الشاعر : @ ويَحْرُم سِرُّ جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنفَ القصاع @@ وقال آخر : @ إن الشِّواء والنَّشِيل والرُّغُفْ والْقَيْنَةَ الحسناءَ والكأسَ الأُنُفْ للطاعنين الخيل والخيل قُطُف @@ وقال ٱمرؤ القيس : @ قد غَدَا يحملني في أنفه @@ أي في أوّله . وأَنْفُ كلّ شيء أوّله . وقال قتادة في هؤلاء المنافقين : الناس رجلان : رجل عَقَل عن الله فانتفع بما سمع ، ورجل لم يعقل ولم ينتفع بما سمع . وكان يقال : الناس ثلاثة : فسامع عامل ، وسامع عاقل ، وسامع غافل تارك . قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } فلم يؤمنوا . { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } في الكفر . { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ } أي للإيمان زادهم الله هدى . وقيل : زادهم النبيّ صلى الله عليه وسلم هدى . وقيل : ما يستمعونه من القرآن هدى أي يتضاعف يقينهم . وقال الفرّاء : زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى . وقيل : زادهم نزول الناسخ هدى . وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل : أحدها زادهم علماً قاله الربيع بن أنس . الثاني أنهم علموا ما سمعوا وعملوا بما علموا قاله الضحاك . الثالث زادهم بصيرة في دينهم وتصديقاً لنبيّهم قاله الكلبيّ . الرابع شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان . { وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } أي ألهمهم إياها . وقيل : فيه خمسة أوجه : أحدها آتاهم الخشية قاله الربيع . الثاني ثواب تقواهم في الآخرة قاله السدّي . الثالث وفقهم للعمل الذي فرض عليهم قاله مقاتل . الرابع بيّن لهم ما يتقون قاله ٱبن زياد والسدّيّ أيضاً . الخامس أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ قاله عطية . الماورديّ : ويحتمل . سادساً أنه ترك الرخص والأخذ بالعزائم . وقرىء « وَأَعْطَاهُمْ » بدل « وَآتَاهُمْ » . وقال عكرمة : هذه نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب .