Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 29-30)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } نفاق وشك ، يعني المنافقين . { أَن لَّن يُخْرِجَ ٱللَّهُ أَضْغَانَهُمْ } الأضغان ما يُضمر من المكروه . واختلف في معناه فقال السدّي : غِشّهم . وقال ابن عباس : حسدهم . وقال قُطْرُب : عدوانهم وأنشد قول الشاعر : @ قل لاْبن هند ما أردت بمنطق ساء الصديق وشيّد الأضغانا @@ وقيل : أحقادهم . واحدها ضِغن . قال : @ وذي ضغن كففت النفس عنه @@ وقد تقدم . وقال عمرو بن كلثوم : @ وإن الضغن بعد الضغن يفشو عليك ويُخرج الداء الدفينا @@ قال الجوهريّ : الضغن والضغينة : الحقد . وقد ضغِن عليه بالكسر ضِغناً . وتضاغن القومُ وٱضْطَغَنُوا : أبطنوا على الأحقاد . وٱضْطَغَنْت الصبيَّ إذا أخذته تحت حضنك . وأنشد الأحمر : @ كأنّـه مُضْطَغِـنٌ صبِيّـا @@ أي حامله في حجره . وقال ابن مُقْبل : @ إذا اضطغنتُ سلاحي عند مَغْرِضها ومِرفقٍ كرِئاس السيف إذ شَسَفَا @@ وفرس ضاغن : لا يعطي ما عنده من الجري إلا بالضرب . والمعنى : أم حسبوا أن لن يظهر الله عداوتهم وحقدهم لأهل الإسلام . { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ } أي لعرّفناكهم . قال ابن عباس : وقد عرّفه إياهم في سورة « براءة » . تقول العرب : سأريك ما أصنع أي سأعلمك ومنه قوله تعالى : { بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ } [ النساء : 105 ] أي بما أعلمك . { فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ } أي بعلاماتهم . قال أنس : ما خفي على النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحد من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم . وقد كنا في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشك فيهم الناس ، فأصبحوا ذات ليلة وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب « هذا منافق » فذلك سيماهم . وقال ابن زيد : قدر الله إظهارهم وأمر أن يخرجوا من المسجد فأبوا إلا أن يتمسكوا بلا إلٰه إلا الله ، فحقنت دماؤهم ونكحوا وأنكحوا بها . { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } أي في فحواه ومعناه . ومنه قول الشاعر : @ وخير الكلام ما كان لَحْنَا @@ أي ما عُرف بالمعنى ولم يُصَرَّح به . مأخوذ من اللحن في الإعراب ، وهو الذهاب عن الصواب ، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض " أي أذهب بها في الجواب لقوّته على تصريف الكلام . أبو زيد : لَحَنْت له بالفتح أَلْحَنُ لَحْناً إذا قُلْتَ له قَوْلاً يفهمه عنك ويَخْفَى على غيره . ولَحِنَه هو عَنّي بالكسر يلحنه لَحْناً أي فهمه . وألحنته أنا إياه ، ولاحنت الناس فاطنتهم قال الفَزارِيّ : @ وحدِيثٍ ألَذُّه هو مما يَنْعَت النَّاعِتُون يُوزَن وزْنَا منطِقٌ رائعٌ وتَلْحَنُ أحيا ناً وخير الحديث ما كان لحنَا @@ يريد أنها تتكلم بشيء وهي تريد غيره ، وتُعَرِّض في حديثها فتزيله عن جهته من فطنتها وذكائها . وقد قال تعالى : { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } . وقال القَتّال الكِلاَبِيّ : @ ولقد وَحَيْت لكم لكيما تفهموا ولَحَنْتُ لحناً ليس بالمرتاب @@ وقال مرار الأسدي : @ ولحنتِ لحناً فيه غشٌّ ورابني صدودُك تُرْضين الوشاةَ الأعادِيَا @@ قال الكلبي : فلم يتكلم بعد نزولها عند النبيّ صلى الله عليه وسلم منافق إلا عرفه . وقيل : كان المنافقون يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم بكلام تواضعوه فيما بينهم والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك ويأخذ بالظاهر المعتاد ، فنبهه الله تعالى عليه ، فكان بعد هذا يعرف المنافقين إذا سمع كلامهم . قال أنس : فلم يَخْفَ منافق بعد هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم عَرّفه الله ذلك بوحي أو علامة عرَفها بتعريف الله إياه { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } أي لا يخفى عليه شيء منها .