Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ٱختلف في هذا الفتح ما هو ؟ ففي البخاري حدّثني محمد بن بشار قال حدّثنا غندر قال حدّثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس « إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » قال : الحديبِية . وقال جابر : ما كنا نعدّ فتح مكة إلا يوم الْحُدَيْبيَة . وقال الفرّاء : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحاً ونحن نعدّ الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبِية ، كنا نُعَدّ مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة ، والحديبية بئر . وقال الضحاك : « إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » بغير قتال . وكان الصلح من الفتح . وقال مجاهد : هو مَنْحَره بالحديبية وحلقه رأسه . وقال : كان فتح الحديبية آية عظيمة ، نزح ماؤها فمج فيها فدرّت بالماء حتى شرب جميع من كان معه . وقال موسى بن عقبة : " قال رجل عند مُنْصَرَفهم من الحديبية : ما هذا بفتح لقد صدّونا عن البيت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألوكم القضية ويرغبوا إليكم في الأمان وقد رأوا منكم ما كرهوا » " وقال الشعبي في قوله تعالى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } قال : هو فتح الحديبية ، لقد أصاب بها ما لم يُصب في غزوة غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر ، وبويع بيعة الرضوان ، وأطعِموا نخل خيبر ، وبلغ الهَدْيُ مَحِلّه ، وظهرت الروم على فارس ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس . وقال الزهريّ : لقد كان الحديبية أعظم الفتوح وذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جاء إليها في ألف وأربعمائة ، فلما وقع الصلح مشى الناس بعضهم في بعض وعلموا وسمعوا عن الله ، فما أراد أحد الإسلام إلا تمكن منه فما مضت تلك السنتان إلا والمسلمون قد جاءوا إلى مكة في عشرة آلاف . وقال مجاهد أيضاً والعَوْفي : هو فتح خَيْبر . والأوّل أكثر وخَيْبَرُ إنما كانت وعْداً وُعِدُوه على ما يأتي بيانه في قوله تعالى : { سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ } [ الفتح : 5 1 ] ، وقوله : { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } [ الفتح : 20 ] . " وقال مُجَمِّع بن جارية وكان أحد القرّاء الذين قرءوا القرآن ـ : شهدنا الحديبية مع النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فلما ٱنصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعض الناس لبعض : ما بال الناس ؟ قالوا : أوحى الله إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم . قال : فخرجنا نُوجِف فوجدنا نبيّ الله صلى الله عليه وسلم عند كُراع الغَمِيم ، فلما ٱجتمع الناس قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم « إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً » فقال عمر بن الخطاب : أوَفتحٌ هو يا رسول الله ؟ قال : « نعم ، والذي نفسي بيده إنه لفتح » . فقسمت خيبر على أهل الحديبية " ، لم يدخل أحد إلا من شهد الحديبية . وقيل : إن قوله تعالى : « فَتْحاً » يدل على أن مكة فتحت عَنْوة لأن اسم الفتح لا يقع مطلقاً إلا على ما فتح عَنْوَةً . هذا هو حقيقة الاسم . وقد يقال : فُتح البلد صُلْحاً ، فلا يفهم الصلح إلا بأن يُقرن بالفتح ، فصار الفتح في الصلح مجازاً . والأخبار دالة على أنها فتحت عَنْوة وقد مضى القول فيها ، ويأتي .