Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 2-3)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن الأنباري : « فَتْحاً مُبِيناً » غير تام لأن قوله : { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ } متعلق بالفتح . كأنه قال : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجمع الله لك مع الفتح المغفرة فيجمع الله لك به ما تَقَرّ به عينك في الدنيا والآخرة . وقال أبو حاتم السِّجستاني : هي لام القسم . وهذا خطأ لأن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها ولو جاز هذا لجاز : ليقوم زيد بتأويل ليقومن زيد . الزَّمَخْشَرِيّ : فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة ، ولكن لاجتماع ما عدّد من الأمور الأربعة ، وهي : المغفرة ، وإتمام النعمة ، وهداية الصراط المستقيم ، والنصر العزيز . كأنه قال يَسّرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوّك ليجمع لك عِزّ الدارين وأعراض العاجل والآجل . ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدوّ سبباً للغفران والثواب . وفي الترمذي " عن أنس قال : أُنزلت على النبيّ صلى الله عليه وسلم { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } مَرْجِعَه من الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لقد أنزلت عليّ آية أحبّ إليّ مما على وجه الأرض » . ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم فقالوا : هنيئاً مريئاً يا رسول الله ، لقد بيّن الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت عليه : { لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ حتى بلغ فَوْزاً عَظِيماً } " قال حديث حسن صحيح . وفيه عن مُجَمِّع بن جارية . واختلف أهل التأويل في معنى « لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ » فقيل : « مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ » قبل الرسالة . « وَمَا تَأَخَّرَ » بعدها قاله مجاهد . ونحوه قال الطبري وسفيان الثوري ، قال الطبري : هو راجع إلى قوله تعالى : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى قوله تَوَّاباً } . { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ } قبل الرسالة { وَمَا تَأَخَّرَ } إلى وقت نزول هذه الآية . وقال سفيان الثوري : « لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ » ما عملته في الجاهلية من قبل أن يوحى إليك . « وَمَا تَأَخَّرَ » كل شيء لم تعمله وقاله الواحدي . وقد مضى الكلام في جريان الصغائر على الأنبياء في سورة « البقرة » فهذا قول . وقيل : « مَا تَقَدَّمَ » قبل الفتح . « وَمَا تَأَخَّرَ » بعد الفتح . وقيل : « مَا تَقَدَّمَ » قبل نزول هذه الآية . « وَمَا تَأَخَّرَ » بعدها . وقال عطاء الخراسانيّ : « مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ » يعني من ذنب أبويك آدم وحوّاء . « وَمَا تَأَخَّرَ » من ذنوب أمتك . وقيل : من ذنب أبيك إبراهيم . « وَمَا تَأَخَّرَ » من ذنوب النبيّين . وقيل : « مَا تَقَدَّمَ » من ذنب يوم بدر . « وَمَا تَأَخَّرَ » من ذنب يوم حُنَين . وذلك أن الذنب المتقدّم يوم بدر ، أنه جعل يدعو ويقول : " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعْبد في الأرض أبداً " وجعل يردّد هذا القول دفعات ، فأوحى الله إليه : من أين تعلم أني لو أهلكت هذه العصابة لا أُعبد أبداً فكان هذا الذنب المتقدّم . وأما الذنب المتأخر فيوم حنين ، لما ٱنهزم الناس " قال لعمه العباس ولاْبن عمه أبي سفيان : « ناولاني كَفًّا من حَصْباء الوادي » فناولاه فأخذه بيده ورمى به في وجوه المشركين وقال : « شاهت الوجوه . حۤـمۤ . لا ينصرون » فٱنهزم القوم عن آخرهم ، فلم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملاً وحصباء . ثم نادى في أصحابه فرجعوا فقال لهم عند رجوعهم : « لو لم أرمهم لم ينهزموا » " فأنزل الله عز وجل : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [ الأنفال : 71 ] فكان هذا هو الذنب المتأخر . وقال أبو علي الرُّوذَبَارِيّ : يقول لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك . قوله تعالى : { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } قال ابن عباس : في الجنة . وقيل : بالنبوّة والحكمة . وقيل : بفتح مكة والطائف وخيبر . وقيل : بخضوع من استكبر وطاعة من تجبّر . { وَيَهْدِيَكَ صِرَٰطاً مُّسْتَقِيماً } أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه . { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } أي غالباً منيعاً لا يتبعه ذل .