Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 6-11)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ } نظر ٱعتبار وتفكر ، وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة . { كَيْفَ بَنَيْنَاهَا } فرفعناها بلا عمد { وَزَيَّنَّـٰهَا } بالنجوم { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } جمع فرج وهو الشق ومنه قول ٱمرىء القيس : @ تَسُـدُّ بِـهِ فَرْجَهَـا مِـنْ دُبُـرْ @@ وقال الكسائي : ليس فيها تفاوت ولا ٱختلاف ولا فتوق . { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } تقدّم في « الرعد » بيانه . { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي من كل نوع من النبات { بَهِيجٍ } أي حسن يسر الناظرين وقد تقدّم في « الحج » بيانه . { تَبْصِرَةً } أي جعلنا ذلك تبصرة لندلَّ به على كمال قدرتنا . وقال أبو حاتم : نصب على المصدر يعني جعلنا ذلك تبصيراً وتنبيهاً على قدرتنا { وَذِكْرَىٰ } معطوف عليه . { لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } راجع إلى الله تعالى مفكر في قدرته . قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي من السحاب { مَآءً مُّبَارَكاً } أي كثير البركة . { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } التقدير : وحبّ النبت الحصيد وهو كل ما يحصد . هذا قول البصريين . وقال الكوفيون : هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، كما يقال : مسجد الجامِع وربيعُ الأوّلِ وحقُّ اليقينِ وحبل الورِيدِ ونحوها قاله الفرّاء . والأصل الحبّ الحصيد فحذفت الألف واللام وأضيف المنعوت إلى النعت . وقال الضحاك : حبّ الحصيد البُرُّ والشَّعيرُ . وقيل : كلّ حبٍّ يُحْصد ويُدّخر ويُقْتات . { وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } نصب على الحال ردًّا على قوله : { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } و { بَاسِقَاتٍ } حال . والباسقات الطوال قاله مجاهد وعكرمة . وقال قتادة وعبد الله بن شدّاد : بُسُوقها ٱستقامتها في الطول . وقال سعيد بن جبير : مستويات . وقال الحسن وعكرمة أيضاً والفرّاء : مواقير حوامل يقال للشاة بسَقت إذا ولدت ، قال الشاعر : @ فَلَمَّا تَركْنا الدارَ ظَلَّتْ مُنِيفَةً بِقُرَّانَ فيه الباسقات المواقرُ @@ والأوّل في اللغة أكثر وأشهر يقال بَسَقَ النخلُ بُسوقاً إذا طال . قال : @ لنا خمرٌ وليست خمر كَرْمٍ ولكنْ مِن نِتاجِ الباسِقاتِ كِرامٌ في السماء ذَهَبْنَ طولاً وفاتَ ثِمارُها أيدي الجُنَاةِ @@ ويقال : بسق فلان على أصحابه أي علاهم ، وأبسقت الناقةُ إذا وقع في ضرعها اللبن قبل النِّتاج فهي مُبْسِق ونُوقٌ مَبَاسِيق . وقال قطبة بن مالك : سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ « بَاصِقَاتٍ » بالصاد ذكره الثعلبي . قلت : الذي في صحيح مسلم عن قطبة بن مالك قال : صلّيت وصلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ : { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } حتى قرأ { وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } قال فجعلت أردّدها ولا أدري ما قال ، إلا أنه لا يجوز إبدال الصاد من السين لأجل القاف . { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } الطلع هو أوّلُ ما يخرج من ثمر النخل يقال : طَلَعَ الطلعُ طُلوعاً وأطلعت النخلةُ ، وطَلْعها كُفُرّاها قبل أن ينشق . « نضِيدٌ » أي متراكب قد نُضِّد بعضُه على بعض . وفي البخاري : « النَّضِيدُ » الكُفُرّى مادام في أكمامه ومعناه منضود بعضه على بعض فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد . { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ } أي رزقناهم رزقاً ، أو على معنى أنبتناها رزقاً لأن الإنبات في معنى الرزق ، أو على أنه مفعول له أي أنبتناها لرزقهم ، والرزق ما كان مهيأ للإنتفاع به . وقد تقدم القول فيه . { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ } أي من القبور أي كما أحيا الله هذه الأرض الميتة فكذلك يخرجكم أحياء بعد موتكم فالكاف في محل رفع على الابتداء . وقد مضى هذا المعنى في غير موضع . وقال « مَيْتاً » لأن المقصود المكان ولو قال ميتة لجاز .