Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 51, Ayat: 1-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } قال أبو بكر الأنباري : حدّثنا عبد الله بن ناجية ، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدّثنا مكي بن إبراهيم ، حدّثنا الجعيد بن عبد الرحمن ، عن يزيد بن خصيفة ، عن السائب ابن يزيد أن رجلاً قال لعمر رضي الله عنه : إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن ، فقال عمر : اللهم أمكني منه فدخل الرجل على عمر يوماً وهو لابس ثياباً وعمامة وعمر يقرأ القرآن ، فلما فرغ قام إليه الرجل فقال : يا أمير المؤمنين ما { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلِده ، ثم قال : ألبسوه ثيابه وٱحملوه على قَتَب وأبلغوا به حَيَّه ، ثم ليقم خطيباً فليقل : إن صَبِيغاً طلب العلم فأخطأه ، فلم يزل وضيعاً في قومه بعد أن كان سيداً فيهم . وعن عامر بن واثلة أن ٱبن الكوّاء سأل علياً رضي الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين ما { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } قال : ويلك سَلْ تَفَقُّهاً ولا تسأل تَعَنُّتاً { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } الرياح { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } السحاب { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } السفن { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } الملائكة . وروى الحرث عن علي رضي الله عنه { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } قال : الرياح { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } قال : السحاب تحمل الماء كما تحمل ذوات الأربع الوقر { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } قال : السفن موقرة { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } قال : الملائكة تأتي بأمر مختلف جبريل بالغلظة ، وميكائيل صاحب الرحمة ، وملك الموت يأتي بالموت . وقال الفراء : وقيل تأتي بأمر مختلف من الخِصب والجَدْب والمطر والموت والحوادث . ويقال : ذَرَتِ الرِّيحُ الترابَ تَذْرُوه ذَرْواً وتَذْرِيهِ ذَرْياً . ثم قيل : « وَالذَّارِيَاتِ » وما بعده أقسام ، وإذا أقسم الرب بشيء أثبت له شرفاً . وقيل : المعنى ورب الذارياتِ ، والجواب { إِنَّمَا تُوعَدُونَ } أي الذي توعدونه من الخير والشر والثواب والعقاب { لَصَادِقٌ } لا كذب فيه ومعنى « لَصَادِقٌ » لصدق وقع الاسم موقع المصدر . { وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَاقِعٌ } يعني : الجزاء نازل بكم . ثم ٱبتدأ قسماً آخر فقال : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } وقيل : إن الذاريات النساء الولودات لأن في ذرايتهنّ ذرو الخلق لأنهنّ يذرين الأولاد فصرن ذاريات وأقسم بهنّ لما في ترائبهنّ من خيرة عباده الصالحين . وخص النساء بذلك دون الرجال وإن كان كل واحد منهما ذارياً لأمرين : أحدهما لأنهن أوعية دون الرجال ، فلاجتماع الذّروين فيهنّ خصصن بالذكر . الثاني أن الذّرو فيهنّ أطول زماناً ، وهنّ بالمباشرة أقرب عهداً . { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } السحابّ وقيل : الحاملات من النساء إذا ثقلن بالحمل . والوِقر بكسر الواو ثقل الحمل على ظهر أو في بطن ، يقال : جاء يحمل وِقره وقد أوقر بعيرَه . وأكثر ما يستعمل الوِقر في حمل البغل والحمار ، والوَسْق في حمل البعير . وهذه ٱمرأة مُوقَرة بفتح القاف إذا حملت حملاً ثقيلاً . وأوقرت النخلة كثر حَمْلُها يقال : نخلة مُوقِرة وموقِر ومُوقَرة ، وحكي مُوقَر وهو على غير القياس ، لأن الفعل للنخلة . وإنما قيل : مُوقِر بكسر القاف على قياس قولك ٱمرأة حامل ، لأن حمل الشجر مشبه بحمل النساء فأما مُوقَر بالفتح فشاذ ، وقد روي في قول لبِيد يصف نخيلاً @ عَصَبٌ كَوارِعُ في خليج مُحَلِّمٍ حَمَلتْ فمنها موقَرٌ مَكْمُومُ @@ والجمع مواقِر . فأما الوَقْر بالفتح فهو ثقل الأذن ، وقد وقرت أذنه تَوْقر وَقْراً أي صَمَّت ، وقياس مصدره التحريك إلا أنه جاء بالتسكين وقد تقدّم في « الأنعام » القول فيه . { فَٱلْجَـٰرِيَـٰتِ يُسْراً } السفن تجري بالرياح يسراً إلى حيث سيرت . وقيل : السحاب وفي جريها يسراً على هذا القول وجهان : أحدهما إلى حيث يسيرها الله تعالى من البلاد والبقاع . الثاني هو سهولة تسييرها وذلك معروف عند العرب ، كما قال الأعشى :