Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 52, Ayat: 9-16)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } العامل في يوم قوله : « وَاقِعٌ » أي يقع العذاب بهم يوم القيامة وهو اليوم الذي تمور فيه السماء . قال أهل اللغة : مار الشيءُ يَمور مَوْراً ، أي تحرّك وجاء وذهب كما تَتَكفَّأ النخلةُ العَيْدانة ، أي الطويلة ، والتُّمور مثله . وقال الضحاك : يموج بعضها في بعض . مجاهد : تدور دوراً . أبو عبيدة والأخفش : تكفأ ، وأنشد للأعشى : @ كأنّ مِشْيَتها مِن بيتِ جارتِهَا مَوْرُ السَّحابةِ لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ @@ وقيل تجري جرياً . ومنه قول جرير : @ وما زالتِ القَتْلَى تَمُورُ دِماؤُهَا بِدجلةَ حتَّى ماءُ دجلةَ أَشْكَلُ @@ وقال ٱبن عباس : تمور السماء يومئذ بما فيها وتضطرب . وقيل : يدور أهلها فيها ويموج بعضهم في بعض . والمور أيضاً الطريق . ومنه قول طَرفة : @ … فَـوْقَ مَـوْرٍ مُعَبَّـدِ @@ والْمَوْرُ الموج . وناقة مَوَّارة اليد أي سريعة . والبعير يمور عضداه إذا ترددا في عَرْض جنبه ، قال الشاعر : @ على ظَهْـرِ مَوَّارِ المِـلاَطِ حِصَـانِ @@ المِلاط الجنب . وقولهم : لا أدري أغارَ أم مَارَ أي أتى غوراً أم دار فرجع إلى نجد . والمُور بالضم الغبار بالريح . وقيل : إن السماء هاهنا الفلك وموره ٱضطراب نظمه وٱختلاف سيره قاله ٱبن بحر . { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً } قال مقاتل : تسير عن أماكنها حتى تستوي بالأرض . وقيل : تسير كسير السحاب اليوم في الدنيا بيانه { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } [ النمل : 88 ] . وقد مضى هذا المعنى في « الكهف » . { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } « وَيْلٌ » كلمة تقال للهالك ، وإنما دخلت الفاء لأن في الكلام معنى المجازاة . { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } أي في تردد في الباطل ، وهو خوضهم في أمر محمد بالتكذيب . وقيل : في خوض في أسباب الدنيا يلعبون لا يذكرون حساباً ولا جزاء . وقد مضى في « براءة » . قوله تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ } « يَوْمَ » بدل من يومئذ . و « يُدَعُّونَ » معناه يدفعون إلى جهنم بشدّة وعنف ، يقال : دَعَعْتُه أدعُّه دعًّا أي دفعته ، ومنه قوله تعالى : { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } [ الماعون : 2 ] . وفي التفسير : إن خزنة جهنم يَغلُّون أيديهم إلى أعناقهم ، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ، ثم يدفعونهم في النار دفعاً على وجوههم ، وزَخًّا في أعناقهم حتى يرِدوا النار . وقرأ أبو رجاء العطاردي وٱبن السَّمَيْقَع « يَوْمَ يُدعَوْنَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً » بالتخفيف من الدعاء فإذا دنوا من النار قالت لهم الخزنة : { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } في الدنيا . قوله تعالى : { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } ٱستفهام معناه التوبيخ والتقريع أي يقال لهم : « أَفَسِحْرٌ هَذَا » الذي ترون الآن بأعينكم { أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } . وقيل : « أَمْ » بمعنى بل أي بل كنتم لا تبصرون في الدنيا ولا تعقلون . قوله تعالى : { ٱصْلَوْهَا } أي تقول لهم الخزنة ذوقوا حرّها بالدخول فيها . { فَٱصْبِرُوۤاْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ } أي سواء كان لكم فيها صبر أو لم يكن فـ « ـسواء » خبره محذوف ، أي سواء عليكم الجزع والصبر فلا ينفعكم شيء ، كما أخبر عنهم أنهم يقولون : { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا } [ إبراهيم : 21 ] . { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .