Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 19-23)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ } { مَرَجَ } أي خَلَّى وأرسل وأهمل يقال : مرج السلطان الناس إذا أهملهم . وأصل المَرْج الإهمال كما تُمْرَج الدابّةُ في المرعى . ويقال : مَرَجَ خَلَطَ . وقال الأخفش : ويقول قوم أَمْرَج البحرين مثل مَرَج ، فَعَل وأَفْعَلَ بمعنًى . { ٱلْبَحْرَيْنِ } قال ٱبن عباس : بحر السماء وبحر الأرض وقاله مجاهد وسعيد بن جبير . { يَلْتَقِيَانِ } في كل عام . وقيل : يلتقي طرفاهما . وقال الحسن وقتادة : بحر فارس والروم . وقال ٱبن جريج : إنه البحر المالِح والأنهار العذبة . وقيل : بحر المشرق والمغرب يلتقي طرفاهما . وقيل : بحر اللؤلؤ والمرجان . { بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ } أي حاجز فعلى القول الأوّل ما بين السماء والأرض قاله الضحاك . وعلى القول الثاني الأرض التي بينهما وهي الحجاز قاله الحسن وقتادة . وعلى غيرهما من الأقوال القدرة الإلٰهية على ما تقدّم في « الفرقان » . وفي الخبر عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " أن الله تعالى كلّم الناحية الغربية فقال : إني جاعل فيك عباداً لي يُسبِّحوني ويُكَبِّروني ويهلِّلُوني ويُمجّدوني فكيف أنت لهم ؟ فقالت : أُغرقُهم يا ربّ . قال : إني أحملهم على يدي ، وأجعل بأسك في نواحيك . ثم كَلّمَ الناحية الشرقية فقال : إني جاعل فيك عباداً لي يُسبِّحوني ويكَبِّروني ويهلِّلُوني ويمجِّدوني فكيف أنت لهم ؟ قالت : أسبِّحكَ معهم إذا سَبَّحوكَ ، وأكبّرك معهم إذا كبروك ، وأُهَلِّلكَ معهم إذا هَلَّلُوكَ ، وأُمَجِّدُك معهم إذا مجَّدوك فأثابها الله الْحِلية وجعل بينهما برزخاً ، وتحوّل أحدهما مِلحاً أُجَاجاً ، وبقي الآخر على حالته عذباً فُرَاتاً " ذكر هذا الخبر الترمذيّ الحكيم أبو عبد الله قال : حدّثنا صالح بن محمد ، حدّثنا القاسم العمريّ عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة : { لاَّ يَبْغِيَانِ } قال قتادة : لا يبغيان على الناس فيغرقانهم جعل بينهما وبين الناس يَبَساً . وعنه أيضاً ومجاهد : لا يبغي أحدهما على صاحبه فيغلبه . ٱبن زيد : المعنى { لاَّ يَبْغِيَانِ } أن يلتقيا ، وتقدير الكلام : مرج البحرين يلتقيان ، لولا البرزخ الذي بينهما لا يبغيان أن يلتقيا . وقيل : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة أي بينهما مدّة قدرها الله وهي مدّة الدنيا فهما لا يبغيان فإذا أذن الله في ٱنقضاء الدنيا صار البحران شيئاً واحداً وهو كقوله تعالى : { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } [ الانفطار : 3 ] وقال سهل بن عبد الله : البحران طريق الخير والشر ، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة . قوله تعالى : { يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ } أي يخرج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان ، كما يخرج من التراب الحبّ والعصف والريحان . وقرأ نافع وأبو عمرو « يُخْرَجُ » بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول . الباقون « يَخْرُجُ » بفتح الياء وضم الراء على أن اللؤلؤ هو الفاعل . وقال : « مِنْهُمَا » وإنما يخرج من الملح لا العذب لأن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما كقوله تعالى : { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } [ الأنعام : 130 ] وإنما الرسل من الإنس دون الجن قاله الكلبي وغيره . قال الزجاج : قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما وهو كقوله تعالى : { أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً } [ نوح : 15 ] والقمر في سماء الدنيا ولكن أجمل ذكر السبع فكأن ما في إحداهنّ فيهنّ . وقال أبو عليّ الفارسيّ : هذا من باب حذف المضاف أي من أحدهما كقوله : { عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] أي من إحدى القريتين . وقال الأخفش سعيد : زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ من العذب . وقيل : هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان . ٱبن عباس : هما بحرا السماء والأرض . فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر ٱنعقد لؤلؤاً فصار خارجاً منهما وقاله الطبري . قال الثعلبي : ولقد ذُكر لي أن نواة كانت في جوف صدفة ، فأصابت القطرةُ بعض النواة ولم تُصب البعضَ ، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة . وقيل : إن العذب والملح قد يلتقيان ، فيكون العذب كاللقاح للملح ، فنسب إليهما كما ينسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى لذلك قيل : إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من موضع يلتقي فيه العذب والملح . وقيل : المرجان عظام اللؤلؤ وكباره قاله عليّ وٱبن عباس رضي الله عنهما . واللؤلؤ صغاره . وعنهما أيضاً بالعكس : إن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره وقاله الضحاك وقتادة . وقال ٱبن مسعود وأبو مالك : المرجان الخرز الأحمر .