Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 56, Ayat: 57-62)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } أي فهلاّ تصدّقون بالبعث ؟ لأن الإعادة كالابتداء . وقيل : المعنى نحن خلقنا رزقكم فهلاّ تصدّقون أن هذا طعامكم إن لم تؤمنوا ؟ قوله تعالى : { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } أي ما تصبّونه من المَنِيّ في أرحام النساء . { أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ } أي تصوّرون منه الإنسان { أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } المقدّرون المصوّرون . وهذا ٱحتجاج عليهم وبيان للآية الأولى أي إذا أقررتم بأنّا خالقوه لا غيرنا فاعترفوا بالبعث . وقرأ أبو السَّمّال ومحمد بن السَّمَيْقَع وأشهب العقيلي : « تَمْنُونَ » بفتح التاء وهما لغتان أمْنَى ومَنى وأمْذَى ومَذَى ، يُمنِي ويَمنِي ويُمِذي ويَمِذَي . الماوردي : ويحتمل أن يختلف معناهما عندي فيكون أمْنى إذا أَنزل عن جماع ، ومَنَى إذا أنزل عن الاحتلام . وفي تسمية المنيّ مَنِيًّا وجهان : أحدهما لإمنائه وهو إراقته . الثاني لتقديره ، ومنه المنَا الذي يوزن به لأنه مقدار لذلك ، كذلك المنيّ مقدار صحيح لتصوير الخلقة . قوله تعالى : { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } ٱحتجاج أيضاً ، أي الذي يقدر على الإماتة يقدر على الخلق ، وإذا قدر على الخلق قدر على البعث . وقرأ مجاهد وحُميد وٱبن مُحَيْصن وٱبن كَثِير « قَدرْنَا » بتخفيف الدال . الباقون بالتشديد ، قال الضحاك : أي سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض . وقيل : قضينا . وقيل : كتبنا ، والمعنى متقارب فلا أحد يبقى غيره عز وجل . { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ . عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ } أي إن أردنا أن نبدل أمثالكم لم يسبقنا أحد أي لم يغلبنا . { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } معناه بمغلوبين . وقال الطبريّ : المعنى نحن قدّرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم ، وما نحن بمسبوقين في آجالكم أي لا يتقدّم متأخر ولا يتأخر متقدّم . { وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من الصور والهيئات . قال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم . وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمَّل المؤمنُ ببياض وجهه ، ويُقبَّح الكافرُ بسواد وجهه . سعيد بن جُبير : قوله تعالى : { فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } يعني في حواصل طير سود تكون بَبَرهُوت كأنها الخطاطيف ، وبَرَهُوت وادٍ في اليمن . وقال مجاهد : { فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } في أي خلق شئنا . وقيل : المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون . قوله تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ } أي إذ خُلِقتم من نُطْفة ثم من عَلَقة ثم من مُضْغة ولم تكونوا شيئاً عن مجاهد وغيره . قتادة والضحاك : يعني خلق آدم عليه السلام . { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أي فهلاّ تذكرون . وفي الخبر : عجباً كلّ العجب للمكذّب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى ، وعجباً للمصدّق بالنشأة الآخرة وهو لا يسعى لدار القرار . وقراءة العامة { ٱلنَّشْأَةَ } بالقصر . وقرأ مجاهد والحسن وٱبن كثير وأبو عمرو : « النَّشَاءَةَ » بالمد وقد مضى في « العنكبوت » بيانه .