Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 18-19)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُصَّدِّقِينَ وَٱلْمُصَّدِّقَاتِ } قرأ ابن كثير وأبو بكر عن عاصم بتخفيف الصاد فيهما من التصديق ، أي المصدّقين بما أنزل الله تعالى . الباقون بالتشديد أي المتصدقين والمتصدقات فأدغِمت التاء في الصاد ، وكذلك في مصحف أُبيّ . وهو حثٌّ على الصدقات ، ولهذا قال : { وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } بالصدقة والنفقة في سبيل الله . قال الحسن : كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع . وقيل : هو العمل الصالح من الصدقة وغيرها محتسباً صادقاً . وإنما عطف بالفعل على الاسم ، لأن ذلك الاسم في تقدير الفعل ، أي إن الذين صدّقوا وأقرضوا { يُضَاعَفُ لَهُمْ } أمثالها . وقراءة العامة بفتح العين على ما لم يسم فاعله . وقرأ الأعمش « يُضَاعِفُه » بكسر العين وزيادة هاء . وقرأ ٱبن كثير وٱبن عامر ويعقوب « يُضَعَّفُ » بفتح العين وتشديدها . { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } يعني الجنة . قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } ٱختلف في { وَٱلشُّهَدَآءُ } هل هو مقطوع مما قبل أو متصل به . فقال مجاهد وزيد بن أسلم : إن الشهداء والصدّيقين هم المؤمنون وأنه متصل وروي معناه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يوقف على هذا على قوله : { ٱلصِّدِّيقُونَ } وهذا قول ٱبن مسعود في تأويل الآية . قال القشيري قال الله تعالى : { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّالِحِينَ } [ النساء : 69 ] فالصدّيقون هم الذين يتلون الأنبياء ، والشهداء هم الذين يتلون الصدّيقين ، والصالحون يتلون الشهداء ، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدّق بالرسل أعني { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَ وَٱلشُّهَدَآءُ } . ويكون المعنى بالشهداء من شهد لله بالوحدانية ، فيكون صدّيق فوق صدّيق في الدرجات كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " إن أهل الجنات العلا ليراهم من دونهم كما يرى أحدكم الكوكب الذي في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنْعَمَا " وروي عن ٱبن عباس ومسروق أن الشهداء غير الصدّيقين . فالشهداء على هذا منفصل مما قبله والوقف على قوله : { ٱلصِّدِّيقُونَ } حسن . والمعنى { وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } أي لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم . وفيهم قولان أحدهما أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب قاله الكلبي ودليله قوله تعالى : { وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [ النساء : 41 ] . الثاني أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة ، وفيما يشهدون به قولان : أحدهما أنهم يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية . وهذا معنى قول مجاهد . الثاني يشهدون لأنبيائهم بتبليغهم الرسالة إلى أممهم قاله الكلبي . وقال مقاتل قولاً ثالثاً : إنهم القتلى في سبيل الله تعالى . ونحوه عن ٱبن عباس أيضاً قال : أراد شهداء المؤمنين . والواو واو الابتداء . والصدّيقون على هذا القول مقطوع من الشهداء . وقد ٱختلف في تعيينهم فقال الضحاك : هم ثمانية نفر أبو بكر وعليّ وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة . وتابعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ألحقه الله بهم لما صدق نبيّه صلى الله عليه وسلم . وقال مقاتل بن حيان : الصدّيقون هم الذين آمنوا بالرسل ولم يكذبوهم طرفة عين ، مثل مؤمن آل فرعون ، وصاحب آل ياسين ، وأبي بكر الصديق ، وأصحاب الأخدود . قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } أي بالرسل والمعجزات { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } فلا أجر لهم ولا نور .