Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 25-26)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالمعجزات البيّنة والشرائع الظاهرة . وقيل : الإخلاص لله تعالى في العبادة ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة بذلك دعت الرسل : نوح فمن دونه إلى محمد صلى الله عليه وسلم . { وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ } أي الكتب أي أوحينا إليهم خبر ما كان قبلهم { وَٱلْمِيزَانَ } قال ٱبن زيد : هو ما يوزن به ويتعامل { لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ } أي بالعدل في معاملاتهم . وقوله : { بِٱلْقِسْطِ } يدل على أنه أراد الميزان المعروف . وقال قوم : أراد به العدل . قال القشيري : وإذا حملناه على الميزان المعروف ، فالمعنى أنزلنا الكتاب ووضعنا الميزان فهو من باب : @ * عَلَفْتُهَـا تِبناً ومـاءً بـارداً @@ ويدل على هذا قوله تعالى : { وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ } [ الرحمٰن : 7 ] ثم قال : { وَأَقِيمُواْ ٱلْوَزْنَ بِٱلْقِسْطِ } [ الرحمٰن : 9 ] وقد مضى القول فيه . { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } روى عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : الحديد والنار والماء والملح " وروى عكرمة عن ٱبن عباس قال : ثلاثة أشياء نزلت مع آدم عليه السلام : الحجر الأسود وكان أشد بياضاً من الثلج ، وعصا موسى وكانت من آس الجنة ، طولها عشرة أذرع مع طول موسى ، والحديد أنزل معه ثلاثة أشياء : السندان والكَلْبَتَان والمِيقَعة وهي المِطرقة ذكره الماوردي . وقال الثعلبي : قال ٱبن عباس نزل آدم من الجنة ومعه من الحديد خمسة أشياء من آلة الحدّادين : السَّنْدَان ، والْكَلْبَتَان ، والمِيقَعة ، والمِطْرقة ، والإبرة . وحكاه القشيريّ قال : والمِيقَعة ما يحدّد به يقال وَقَعْتُ الحديدةَ أقعها أي حددتها . وفي الصحاح : والمِيقَعة الموضع الذي يألفه البازِي فيقع عليه ، وخشبة القَصّار التي يَدقّ عليها ، والمِطْرقة والمِسنّ الطويل . وروي أن الحديد أنزل في يوم الثلاثاء . { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } أي لإهراق الدماء . ولذلك نهى عن الفصد والحِجامة في يوم الثلاثاء لأنه يوم جرى فيه الدم . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " في يوم الثلاثاء ساعةً لا يرقأ فيها الدم " وقيل : { وَأَنزْلْنَا ٱلْحَدِيدَ } أي أنشأناه وخلقناه كقوله تعالى : { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } وهذا قول الحسن . فيكون من الأرض غير منزل من السماء . وقال أهل المعاني : أي أخرج الحديد من المعادن وعلمهم صنعته بوحيه . { فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ } يعني السلاح والكُرَاع والجُنة . وقيل : أي فيه من خشية القتل خوف شديد . { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } قال مجاهد : يعني جُنَّة . وقيل : يعني ٱنتفاع الناس بالماعون من الحديد ، مثل السكين والفأس والإبرة ونحوه . { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } أي أنزل الحديد ليعلم من ينصره . وقيل : هو عطف على قوله تعالى : { لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ } أي أرسلنا رسلنا وأنزلنا معهم الكتاب ، وهذه الأشياء ليتعامل الناس بالحق ، { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } وليرى الله من ينصر دينه { وَ } ينصر { رُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ } قال ٱبن عباس : ينصرونهم لا يكذبونهم ، ويؤمنون بهم « بِالْغَيْبِ » أي وهم لا يرونهم . { إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } « قَوِيُّ » في أخذه « عَزِيزٌ » أي منيع غالب . وقد تقدّم . وقيل : { بِٱلْغَيْبِ } بالإخلاص . قوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ } فصّل ما أجمل من إرسال الرّسل بالكتب ، وأخبر أنه أرسل نوحاً وإبراهيم وجعل النبوّة في نسلهما { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ } أي جعلنا بعض ذريتهما الأنبياء ، وبعضهم أمماً يتلون الكتب المنزلة من السماء : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان . وقال ٱبن عباس : الكتاب الخط بالقلم { فَمِنْهُمْ } أي من ٱئتمّ بإبراهيم ونوح { مُّهْتَدٍ } . وقيل : { فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ } أي من ذريتهما مهتدون . { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } كافرون خارجون عن الطاعة .