Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 136-136)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } فيه مسألة واحدة : ويقال : ذرأ يذرأ ذرءاً ، أي خلق . وفي الكلام حذف وٱختصار ، وهو وجعلوا لأصنامهم نصيباً دلّ عليه ما بعده . وكان هذا مما زيّنه الشيطان وسوّله لهم ، حتى صَرَفُوا من مالهم طائفةً إلى الله بزعمهم وطائفةً إلى أصنامهم قاله ٱبن عباس والحسن ومجاهد وقَتادة . والمعنى متقارب . جعلوا لله جزءاً ولشركائهم جزءاً ، فإذا ذهب ما لشركائهم بالإنفاق عليها وعلى سَدَنتها عوّضوا منه ما لله ، وإذا ذهب ما لله بالإنفاق على الضِّيفان والمساكين لم يعوّضوا منه شيئاً ، وقالوا : الله مُستغْن عنه وشركاؤنا فقراء . وكان هذا من جهالاتهم وبزعمهم . والزعم الكذب . قال شُريح القاضي : إن لكل شيء كُنْية وكُنْيةُ الكذب زعموا . وكانوا يكذبون في هذه الأشياء لأنه لم ينزل بذلك شرع . وروى سعيد بن جبير عن ٱبن عباس أنه قال : من أراد أن يعلم جهل العرب فليقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام إلى قوله : « قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ » . قال ابن العربيّ : وهذا الذي قاله كلام صحيح ، فإنها تصرفت بعقولها العاجزة في تنويع الحلال والحرام سفاهةً بغير معرفة ولا عدل ، والذي تصرّفت بالجهل فيه من ٱتخاذ الآلهة أعظمُ جهلاً وأكبرُ جُرْماً فإن الإعتداء على الله تعالى أعظمُ من الاعتداء على المخلوقات . والدليل في أن الله واحد في ذاته واحد في صفاته واحد في مخلوقاته أبْيَنُ وأوضحُ من الدليل على أن هذا حلال وهذا حرام . وقد رُوي أن رجلاً قال لعمرو بن العاص : إنكم على كمال عقولكم ووفور أحلامكم عبدتم الحجر ! فقال عمرو : تلك عقول كادها باريها . فهذا الذي أخبر الله سبحانه من سخافة العرب وجهلها أمر أذهبه الإسلام ، وأبطله الله ببعثه الرسول عليه السلام . فكان من الظاهر لنا أن نميته حتى لا يَظهر ، وننساه حتى لا يُذكر إلا أن ربنا تبارك وتعالى ذكره بنصه وأورده بشرحه ، كما ذكر كفر الكافرين به . وكانت الحكمة في ذلك والله أعلم أن قضاءه قد سبق ، وحكمه قد نفذ بأن الكفر والتخليط لا ينقطعان إلى يوم القيامة . وقرأ يحيـى بن وثّاب والسُّلَميّ والأعمش والكسائيّ « بزُعمِهم » بضمه الزاي . والباقون بفتحها ، وهما لغتان . { فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي إلى المساكين . { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي ساء الحُكْم حكمهم . قال ابن زيد : كانوا إذا ذبحوا ما لله ذكروا عليه اسم الأوثان ، وإذا ذبحوا ما لأوثانهم لم يذكروا عليه اسم الله ، فهذا معنى « فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ » . فكان تركهم لذكر الله مذموماً منهم وكان داخلاً في ترك أكل ما لم يذكر ٱسمُ الله عليه .