Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 6-6)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ } « كم » في موضع نصب بأهلكنا لا بقوله : « أَلَمْ يَرَوْا » لأن لفظ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، وإنما يعمل فيه ما بعده من أجل أن له صدر الكلام . والمعنى ألاَ يعتبرون بمن أهلكنا من الأُمم قبلهم لتكذيبهم أنبياءهم أي ألم يَعْرفوا ذلك . والقَرْن الأُمَّةُ من الناس ، والجمع القرون قال الشاعر : @ إذا ذَهَبَ القرنُ الذي كنتَ فيهم وخُلِّفتَ في قَرْنٍ فأنت غرِيبُ @@ فالقَرْن كل عالَم في عصره مأخوذ من الاقتران ، أي عالَم مقترن بعضهم إلى بعض وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خير الناس قَرْني يعني أصحابي ثم الذين يَلُونهم ثم الذين يَلُونهم " هذا أصح ما قيل فيه . وقيل : المعنى من أهل قَرْن فحذف ، كقوله : { وَٱسْأَلِ ٱلْقَرْيَةَ } . فالقَرْن على هذا مدة من الزمان قيل : ستون عاماً ، وقيل : سبعون ، وقيل : ثمانون وقيل : مائة وعليه أكثر أصحاب الحديث أن القَرْن مائة سنة وٱحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن بُسْر : « تَعيشُ قَرْناً » فعاش مائة سنة ذكره النحاس . وأصل القرن الشيء الطالع كقَرْن ماله قَرْن من الحيوان . { مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ } خروج من الغيبة إلى الخطاب عكسه { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } [ يونس : 22 ] . وقال أهل البصرة . أخبر عنهم بقوله : « أَلَمْ يَرَوْا » وفيهم محمد عليه السلام وأصحابه ثم خاطبهم معهم والعرب تقول : قلت لعبد الله ما أكرمه : وقلت لعبد الله ما أكرمك ولو جاء على ما تقدّم من الغيبة لقال : ما لم نمكن لهم . ويجوز مكّنه ومكّن له فجاء باللغتين جميعاً أي أعطيناهم ما لم نعطكم من الدنيا . { وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَآءَ عَلَيْهِم مَّدْرَاراً } يريد المطر الكثير عبر عنه بالسماء لأنه من السماء ينزِل ومنه قول الشاعر : @ إذَا سَقَطَ السَّمَاءُ بأرضِ قَوْمٍ @@ و « مِدْرَاراً » بناء دالٌّ على التكثير كمِذكار للمرأة التي كثرت ولادتها للذكور ومئناث للمرأة التي تلد الإناث يُقال : درَّ اللّبنُ يدرُّ إذا أقبل على الحالب بكثرة . وٱنتصب « مِدْرَاراً » على الحال . { وَجَعَلْنَا ٱلأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ } أي من تحت أشجارهم ومنازلهم ومنه قول فرعون : { وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } [ الزخرف : 51 ] والمعنى : وسعنا عليهم النعم فكفروها . { فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } أي بكفرهم فالذنوب سبب الإنتقام وزوال النعم . { وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } أي أوجدنا فليحذر هؤلاء من الإهلاك أيضاً .