Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 4-5)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } لما نهى عز وجلّ عن مولاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ، وأن من سيرته التبرُّؤ من الكفار أي فاقتدوا به وأْتَمُّوا إلا في استغفاره لأبيه . والإسْوَةُ ما يُتَأَسَّى به ، مثل القِدْوة والقُدْوة . ويقال : هو إسوتك أي مثلك وأنت مثله . وقرأ عاصم « أُسْوَة » بضم الهمزة لغتان . { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } يعني أصحاب ابراهيم من المؤمنين . وقال ابن زيد : هم الانبياء { إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ } الكفار { إِنَّا بُرَءآؤاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي الأصنام . وبُرَآء جمع بريء مثل شريك وشركاء ، وظريف وظِرفاء . وقراءة العامة على وزن فعلاء . وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق « بِرَاء » بكسر الباء على وزن فِعال مثل قَصير وقِصار ، وطَويل وطِوال ، وظَريف وظِراف . ويجوز ترك الهمزة حتى تقول : بَراً وتنوّن . وقرِىء « بَرَاء » على الوصف بالمصدر . وقرىء « بُراء » على إبدال الضم من الكسر كرُخال ورُباب . والآية نصٌ في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله . وذلك يصحّح أن شرع مَن قبلنا شَرْعٌ لنا فيما أخبر الله ورسوله . { كَفَرْنَا بِكُمْ } أي بما آمنتم به من الأوثان . وقيل : أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق . { وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً } أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم { حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ } فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة { إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ } فلا تتأسَّوْا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين فإنه كان عن مَوْعِدة منه له قاله قتادة ومجاهد وغيرهما . وقيل : معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأبيه ، ثم بيّن عذره في سورة « التوبة » . وفي هذا دلالة على تفضيل نبيّنا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء لأنا حين أُمِرْنَا بالاقتداء به أُمِرْنا أمراً مطلقاً في قوله تعالى : { وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ } [ الحشر : 7 ] وحين أُمِرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله . وقيل : هو استثناء منقطع أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك ، إنما جرى لأنه ظنّ أنه أسلم ، فلما بان له أنه لم يُسلم تبرّأ منه . وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يُظنّ أنه أسلم وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن ، فلِم توالوهم . { وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئاً إن أشركت به . { رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } هذا من دعاء إبراهيم عليه السلام وأصحابه . وقيل : علّم المؤمنين أن يقولوا هذا . أي تبرّءوا من الكفار وتوكّلوا على الله وقولوا : { رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا } أي اعتمدنا { وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا } أي رجعنا { وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } لك الرجوع في الآخرة { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي لا تُظهر عدوّنا علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك . وقيل : لا تسلِّطهم علينا فيفتنونا ويعذبونا . { وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } .