Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 61, Ayat: 4-4)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه ثلاث مسائل : الأولى ـ : قوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً } أي يصفُّون صفاً : والمفعول مضمر أي يصفُّون أنفسهم صفاً . { كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ } قال الفرّاء : مرصوص بالرَّصاص . وقال المبرّد : هو من رصصت البناء إذا لا أمْتَ بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة . وقيل : هو من الرصيص وهو انضمام الأسنان بعضها إلى بعض . والتراصّ التلاصق ومنه وتراصُّوا في الصف . ومعنى الآية : يحبّ مَن يثبت في الجهاد في سبيل الله ويلزم مكانه كثبوت البناء . وقال سعيد بان جبير : هذا تعليم من الله تعالى للمؤمنين كيف يكونون عند قتال عدوّهم . الثانية ـ : وقد استدلّ بعض أهل التأويل بهذا على أن قتال الراجل أفضل من قتال الفارس ، لأن الفرسان لا يصطفون على هذه الصفة . المهدَوِيّ : وذلك غير مستقيم ، لما جاء في فضل الفارس في الأجر والغنيمة . ولا يخرج الفرسان من معنى الآية لأن معناه الثبات . الثالثة ـ : لا يجوز الخروج عن الصف إلا لحاجة تعرض للإنسان ، أو في رسالة يرسلها الإمام ، أو في منفعة تظهر في المقام ، كفرصة تنتهز ولا خلاف فيها . وفي الخروج عن الصف للمبارزة خلاف على قولين : أحدهما أنه لا بأس بذلك إرهاباً للعدوّ ، وطلباً للشهادة وتحريضاً على القتال . وقال أصحابنا : لا يبرز أحد طالباً لذلك ، لأن فيه رياءً وخروجاً إلى ما نهى الله عنه من لقاء العدوّ . وإنما تكون المبارزة إذا طلبها الكافر كما كانت في حروب النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم بَدْر وفي غَزْوة خَيْبر ، وعليه دَرَج السلف . وقد مضى القول مستوفى في هذا في « البقرة » عند قوله تعالى : { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [ البقرة : 195 ] .