Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 6-6)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسألة واحدة وهي الأمر بوقاية الإنسان نفسه وأهلَه النار . قال الضحاك : معناه قُوا أنفسكم ، وأهلوكم فَلْيَقُوا أنفسهم ناراً . وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس : قُوا أنفسكم وأْمُرُوا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يَقِيَهم الله بكم . وقال عليّ رضي الله عنه وقتادة ومجاهد : قُوا أنفسكم بأفعالكم وقُوا أهليكم بوصِيّتكم . ابن العربي : وهو الصحيح ، والفقه الذي يعطيه العطف الذي يقتضي التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه في معنى الفعل كقوله : @ عَلَفْتُهَا تِبْناً وماءً بارداً @@ وكقوله : @ ورأيتُ زَوْجَك في الوَغَى متقلِّداً سيفاً ورُمْحاَ @@ فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة ، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية . ففي صحيح الحديث : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " كلّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعِيَّته فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عنهم والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم " وعن هذا عبّر الحسن في هذه الآية [ بقوله : ] يأمرهم وينهاهم . وقال بعض العلماء لما قال : { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } دخل فيه الأولاد لأن الولد بعض منه . كما دخل في قوله تعالى : { وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ } [ النور : 61 ] فلم يُفْرَدُوا بالذِّكر إفراد سائر القرابات . فيعلّمه الحلال والحرام ، ويجنّبه المعاصي والآثام ، إلى غير ذلك من الأحكام . وقال عليه السلام : " حَقُّ الولد على الوالد أن يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوّجه إذا بلغ " وقال عليه السلام : " ما نَحَل والدٌ ولداً أفضل من أدب حسن " وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : عن النبيّ صلى الله عليه وسلم " مُرُوا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرّقوا بينهم في المضاجع " خرّجه جماعة من أهل الحديث . وهذا لفظ أبي داود . وخرّج أيضاً عن سَمُرَة بن جُنْدُب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مُرُوا الصَّبِيَّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها " وكذلك يخبر أهله بوقت الصلاة ووجوب الصيام ووجوب الفطر إذا وجب مستنداً في ذلك إلى رؤية الهلال . وقد روى مسلم : " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أَوْتَر يقول : « قومي فأوْتِري يا عائشة » " وروي : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله امرءاً قام من الليل فصلّى فأيقظ أهله فإن لم تقم رَشّ وجهها بالماء . رحم الله امرأة قامت من الليل تصلي وأيقظت زوجها فإذا لم يقم رشّت على وجهه من الماء " ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " أيقظوا صواحب الحُجَر " ويدخل هذا في عموم قوله تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 2 ] . وذكر القشيري : " أن عمر رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية : يا رسول الله ، نقِي أنفسنا ، فكيف لنا بأهلينا ؟ فقال : « تنهونهم عمّا نهاكم الله وتأمرونهم بما أمر الله » " وقال مقاتل : ذلك حقّ عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه . قال الكِيا : فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدّين والخير ، وما لا يُستغنى عنه من الأدب . وهو قوله تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } [ طه : 132 ] . ونحو قوله تعالى للنبيّ صلى الله عليه وسلم : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } [ الشعراء : 214 ] . وفي الحديث : " مُرُوهم بالصلاة وهم أبناء سَبْع " { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ } تقدم في سورة « البقرة » القول فيه . { عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ } يعني الملائكة الزبانية غِلاظ القلوب لا يرحمون إذا اسْتُرْحِمُوا ، خُلقوا من الغضب ، وحُبّب إليهم عذاب الخلق كما حُبِّبَ لبني آدم أكل الطعام والشراب . { شِدَادٌ } أي شداد الأبدان . وقيل : غِلاظُ الأقوال شداد الأفعال . وقيل غِلاَظ في أخذهم أهل النار شدادٌ عليهم . يقال : فلان شديد على فلان أي قَوِي عليه يعذّبه بأنواع العذاب . وقيل : أراد بالغلاظ ضخامة أجسامهم ، وبالشدّة القوّة . قال ابن عباس : ما بين مَنْكِبَي الواحد منهم مسيرةُ سنة ، وقوّة الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم . وذكر ابن وهب قال : وحدّثنا عبد الرحمن بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خَزَنة جهنم : " ما بين مَنْكِبَي أحدهم كما بين المشرق والمغرب " قوله تعالى : { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ } أي لا يخالفونه في أمره من زيادة أو نقصان . { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي في وقته ، فلا يؤخرونه ولا يقدّمونه . وقيل أي لذتهم في امتثال أمر الله كما أن سرور أهل الجنة في الكون في الجنة ذكره بعض المعتزلة . وعندهم أنه يستحيل التكليف غداً . ولا يخفى معتقد أهل الحق في أن الله يكلّف العبد اليوم وغدا ، ولا ينكر التكليف في حق الملائكة . ولله أن يفعل ما يشاء .