Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ } قد تقدم في الصحيح أن هذه الآية نزلت على لسان عمر رضي الله عنه . ثم قيل : كل « عَسَى » في القرآن واجبٌ إلا هذا . وقيل : هو واجب ولكن الله عز وجل علّقه بشرط وهو التطليق ولم يطلّقهن . { أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ } لأنكن لو كنتن خيراً منهن ما طلّقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال معناه السُّدّي . وقيل : هذا وعد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ، لو طلّقهن في الدنيا أن يزوّجه في الدنيا نساء خيراً منهن . وقرىء « أن يبدله » بالتشديد والتخفيف . والتبديل والإبدال بمعنىً ، كالتنزيل والإنزال . والله كان عالماً بأنه كان لا يطلقهن ، ولكن أخبر عن قدرته ، على أنه إن طلّقهن أبدله خيراً منهن تخويفاً لهن . وهو كقوله تعالى : { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } [ محمد : 38 ] . وهو إخبار عن القدرة وتخويفٌ لهم ، لا أن في الوجود من هو خير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى : { مُسْلِمَاتٍ } يعني مُخلصات ، قاله سعيد بن جُبير . وقيل : معناه مسلمات لأمر الله تعالى وأمر رسوله . { مُّؤْمِنَاتٍ } مصدّقات بما أُمِرن به ونُهين عنه . { قَانِتَاتٍ } مطيعات . والقنوت : الطاعة . وقد تقدّم . { تَائِبَاتٍ } أي من ذنوبهن قاله السُّدّيّ . وقيل : راجعات إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم تاركات لمحاب أنفسهن . { عَابِدَاتٍ } أي كثيرات العبادة لله تعالى . وقال ابن عباس : كلّ عبادة في القرآن فهو التوحيد . { سَائِحَاتٍ } صائبات قاله ابن عباس والحسن وابن جُبير . وقال زيد ابن أسلم وابنه عبد الرحمن ويَمَان : مهاجرات . قال زيد : وليس في أمّة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلا الهجرة . والسِّيَاحَة الجَولاَن في الأرض . وقال الفرّاء والقُتَبِيّ وغيرهما : سُمّي الصائم سائحاً لأن السائح لا زاد معه ، وإنما يأكل من حيث يجد الطعام . وقيل : ذاهبات في طاعة الله عز وجل من ساح الماء إذا ذهب . وقد مضى في سورة « براءة » والحمد لله . { ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } أي منهن ثَيِّبٌ و منهن بِكْرٌ . وقيل : إنما سُمِّيَت الثَّيِّب ثيباً لأنها راجعة إلى زوجها إن أقام معها ، أو إلى غيره إن فارقها . وقيل : لأنها ثابت إلى بيت أبويها . وهذا أصح لأنه ليس كل ثَيّب تعود إلى زوج . وأما البِكْرُ فهي العذراء سُمِّيَت بِكّراً لأنها على أوّل حالتها التي خُلقت بها . وقال الكلبي : أراد بالثَّيب مثلَ آسية امرأة فرعون ، وبالبكر مثل مريم ابنة عمران . قلت : وهذا إنما يمشي على قول من قال : إن التبديل وعدٌ من الله لنبيّه لو طلّقهنّ في الدنيا زوّجه في الآخرة خيراً منهن . والله أعلم .