Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-57)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } عطف على قوله : « يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ » . ذكر شيئاً آخر من نعمه ، ودل على وحدانيته وثبوت إلَهِيّتِه . وقد مضى الكلام في الريح في « البقرة » . ورياح جمع كثرة ، وأرواح جمع قِلة . وأصل ريح رِوح . وقد خطىء من قال في جمع القلة أرياح . { بُشْراً } فيه سبع قراءات : قرأ أهل الحرمين وأبو عمرو « نُشُراً » بضم النون والشين جمع ناشر على معنى النسب ، أي ذات نشر فهو مثلُ شاهد وشُهُد . ويجوز أن يكون جمع نَشُور كرَسُول ورُسُل . يقال : ريح النشور إذا أتت من هاهنا وهاهنا . والنَّشُور بمعنى المنشور كالرّكوب بمعنى المركوب . أي وهو الذي يرسل الرياح منشرة . وقرأ الحسن وقتادة « نُشْراً » بضم النون وإسكان الشين مخفَّفاً من نُشُر كما يقال : كُتْب ورُسْل . وقرأ الأعمش وحمزة « نَشْراً » بفتح النون وإسكان الشين على المصدر ، أعمل فيه معنى ما قبله كأنه قال : وهو الذي ينشر الرّياح نشْراً . نشرت الشيء فٱنتشر ، فكأنها كانت مطوية فنُشرت عند الهُبُوب . ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال من الرياح كأنه قال يرسل الرياح مُنْشرة ، أي مُحيية من أنْشر الله الميتَ فنَشَر ، كما تقول أتانا ركضاً ، أي راكضاً . وقد قيل : إن نَشْراً بالفتح من النَّشْر الذي هو خلاف الطي على ما ذكرنا . كأن الريح في سكونها كالمطوية ثم ترسل من طَيِّها ذلك فتصير كالمنفتحة . وقد فسره أبو عبيد بمعنى متفرِّقة في وجوهها ، على معنى ينشرها ها هنا وها هنا . وقرأ عاصم : « بُشْراً » بالباء وإسكان الشين والتنوين جمع بشير ، أي الرياح تبشر بالمطر . وشاهده قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } [ الروم : 46 ] . وأصل الشين الضم ، لكن سكِّنت تخفيفاً كرسُل ورُسْل . وروى عنه « بَشْراً » بفتح الباء . قال النحاس : ويقرأ « بُشُراً » و « بَشْر مصدر بَشَره يبشره بمعنى بشَّره » فهذه خمس قراءات . وقرأ محمد اليمانِي « بُشْرَى » على وزن حُبْلَى . وقراءة سابعة « بُشُرَى » بضم الباء والشين . قوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } السحاب يذكَّر ويؤنَّث . وكذا كل جمع بينه وبين واحدته هاء . ويجوز نعته بواحد فتقول : سحاب ثقيل وثقيلة . والمعنى : حملت الريح سَحاباً ثِقَالاً بالماء ، أي أثقلت بحمله . يقال : أقلّ فلان الشيء أي حمله . { سُقْنَاهُ } أي السحاب . { لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } أي ليس فيه نبات . يقال : سقته لبلد كذا وإلى بلد كذا . وقيل : لأجل بلد ميت فاللام لام أجل . والبلد كل موضع من الأرض عامر أو غير عامر خالٍ أو مسكون . والبلدة والبلد واحد البلاد والبُلدان . والبَلَد الأثر وجمعه أبلاد . قال الشاعر : @ مِن بعد ما شَمـل البِلَـى أبلادَها @@ والبلد : أُدْحِيّ النَّعام . يقال : هو أذلّ من بَيْضَة البلد ، أي من بيضة النعام التي يتركها . والبلدة الأرض يقال : هذه بلدتنا كما يقال بَحْرَتُنا . والبَلْدَة من منازل القمر ، وهي ستّة أنْجُم من القوس تنزلها الشمس في أقصر يوم في السنة . والبلدة الصّدر يقال : فلان واسع البلدة أي واسع الصدر . قال الشاعر : @ أُنِيخَتْ فألقتْ بَلْدَةً فوقَ بلدة قليلٍ بها الأصواتُ إلاّ بُغَامُها @@ يقول : بركت الناقة فألقت صدرها على الأرض . والبُلدة بفتح الباء وضمها : نقاوة ما بين الحاجبين فهما من الألفاظ المشتركة . { فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ } أي بالبلد . وقيل : أنزلنا بالسحاب الماء لأن السحاب آلة لإنزال الماء . ويحتمل أن يكون المعنى فأنزلنا منه الماء كقوله : { يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ } [ الإنسان : 6 ] أي منها . { فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الكاف في موضع نصب . أي مثل ذلك الإخراج نحيـي الموتى وخرج البيهقِيّ وغيره عن " أبي رَزِين العقيلي قال : قلت يا رسول الله ، كيف يعيد الله الخلق ، وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : « أمَا مَررت بوادِي قومك جَدْباً ثم مَررت به يهتز خَضِراً » قال : نعم ، قال : « فتلك آية الله في خلقه » " وقيل : وجه التشبيه أنّ إحياءهم من قبورهم يكون بمطر يبعثه الله على قبورهم ، فتنشقّ عنهم القبور ، ثم تعود إليهم الأرواح . وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطراً كأنه الطَّلُّ فتنبت منه أجساد الناس ثم يقال يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقِفوهم إنهم مسؤولون " وذكر الحديث . وقد ذكرناه بكماله في كتاب التذكرة والحمد لله . فدل على البعث والنشور وإلى الله ترجع الأمور .