Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 70, Ayat: 15-18)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كَلاَّ } تقدّم القول في « كَلاَّ » وأنها تكون بمعنى حَقاً ، وبمعنى لا . وهي هنا تحتمل الأمرين فإذا كانت بمعنى حقاً كان تمام الكلام « يُنجيهِ » . وإذا كانت بمعنى لا كان تمام الكلام عليها أي ليس ينجيه من عذاب الله الافتداء ثم قال : { إِنَّهَا لَظَىٰ } أي هي جهنم أي تتلَظّى نيرانها كقوله تعالى : { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [ الليل : 14 ] واشتقاق لظي من التلظيِّ . والتِظَاءُ النار التهابها ، وتلظّيها تلهُّبها . وقيل : كان أصلها « لظظ » أي مادامت لدوام عذابها فقلبت إحدى الظائين ألفاً فبقيت لظى . وقيل : هي الدركة الثانية من طبقات جهنم . وهي اسم مؤنث معرفة فلا ينصرف . { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر عنه والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائيّ « نَزَّاعَةٌ » بالرفع . وروى أبو عمرو عن عاصم « نَزَّاعَةً » بالنصب . فمن رفع فله خمسة أوجه : أحدها أن تجعل « لظى » خبر « إنّ » وترفع « نزاعة » بإضمار هي فمن هذا الوجه يحسن الوقف على « لظى » . والوجه الثاني أن تكون « لظى » و « نزاعة » خبران لإن . كما تقول إنه خلق مخاصم . والوجه الثالث أن تكون « نزاعة » بدلاً من « لظى » و « لظى » خبر « إن » . والوجه الرابع أن تكون « لظى » بدلاً من اسم « إنّ » و « نزاعة » خبر « إن » . والوجه الخامس أن يكون الضمير في « إنها » للقصة ، و « لظى » مبتدأ و « نزاعة » خبر الابتداء والجملة خبر « إن » . والمعنى : أن القصة والخبر لظى نزاعة للشَّوَى . ومن نصب « نزاعة » حسن له أن يقف على « لظى » وينصب « نزاعة » على القطع من « لظى » إذ كانت نكرة متصلة بمعرفة . ويجوز نصبها على الحال المؤكدة كما قال : { وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدِّقاً } [ البقرة : 19 ] . ويجوز أن تنصب على معنى أنها تتلظى نزاعة أي في حال نزعها للشَّوَى . والعامل فيها ما دل عليه الكلام من معنى التلظي . ويجوز أن يكون حالاً على أنه حال للمكذبين بخبرها . ويجوز نصبها على القطع كما تقول : مررت بزيد العاقلَ الفاضلَ . فهذه خمسة أوجه للنصب أيضاً . والشَّوَى : جمعَ شواة وهي جلدة الرأس . قال الأعشى : @ قالت قُتَيْلَةُ مالَهُ قد جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُهُ @@ وقال آخر : @ لأصبحت هدّتك الحوادث هَدّةً لها فشواة الرأس بادٍ قَتِيرُها @@ القتير : الشّيب . وفي الصّحاح : « والشوى : جمع شواة وهي جلدة الرأس » . والشَّوَى : اليدان والرجلان والرأس من الآدميين ، وكل ما ليس مقتلاً . يقال : رماه فأشواه إذا لم يصب المقتل . قال الهُذَليّ : @ فإن من القول التي لا شَوىَ لها إذا زَلّ عن ظهر اللّسان انفلاتها @@ يقول : إن من القول كلمة لا تشوِي ولكن تقتل . قال الأعشى : @ قالت قُتَيْلَةُ ماله قد جُلّلت شَيْباً شَواته @@ قال أبو عبيد : أنشدها أبو الخطاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال له : « صَحّفت ! إنما هو سَرَاتُه أي نواحيه فسكت أبو الخطاب ثم قال لنا : بل هو صَحَّف ، إنما هو شواته » . وشَوَى الفرس : قوائمه لأنه يقال : عَبْل الشَّوى ، ولا يكون هذا للرأس لأنهم وصفوا الخيل بإسالة الخدين وعِتقِ الوجه وهو رِقّته . والشَّوَى : رُذال المال . والشَّوى : هو الشيء الهيّن اليسير . وقال ثابت البُنَانيّ والحسن : { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } أي لمكارم وجهه . أبو العالية : لمحاسن وجهه . قتادة : لمكارم خلقته وأطرافه . وقال الضّحاك : تَفْرِي اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً . وقال الكسائي : هي المفاصل . وقال بعض الأئمة : هي القوائم والجلود . قال آمرؤ القيس : @ سَلِيم الشَّظَى عَبْل الشَّوَى شَنِجُ النَّسَا له حَجَبات مُشْرِفاتٌ على الفالِ @@ وقال أبو صالح : أطراف اليدين والرجلين . قال الشاعر : @ إذا نظرتْ عرفت الفخر منها وعينيها ولم تعرف شَواها @@ يعنى أطرافها . وقال الحسن أيضاً : الشَّوَى الهام . { تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } أي تدعو لَظَى من أدبر في الدنيا عن طاعة الله وتولّى عن الإيمان . ودعاؤها أن تقول : إليّ يا مشرك ، إليّ يا كافر . وقال ابن عباس : تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح : إليّ يا كافر ، إليَّ يا منافق ، ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحبّ . وقال ثعلب : « تَدْعُو » أي تهلك . تقول العرب : دعاك الله أي أهلكك الله . وقال الخليل : إنه ليس كالدعاء « تعالوا » ولكن دعوتها إياهم تمكنها من تعذيبهم . وقيل : الداعي خزنة جهنم أضيف دعاؤهم إليها . وقيل هو ضرب مَثَل أي إن مصير من أدبر وتولّى إليها فكأنها الداعية لهم . ومثله قول الشاعر : @ ولقد هبطنا الوادِيَيْن فوادياً يدعو الأنيس به العضيض الأبكمُ @@ العضيض الأبكم : الذباب . وهو لا يدعو وإنما طنينه نبّه عليه فدعا إليه . قلت : القول الأول هو الحقيقة حسب ما تقدّم بيانه بآي القرآن والأخبار الصحيحة . القشيريّ : ودعاء لَظى بخلق الحياة فيها حين تدعو ، وخوارق العادة غداً كثيرة . { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } أي جمع المال فجعله في وعائه ومنع منه حق الله تعالى فكان جَموعاً منوعاً . قال الحكم : كان عبد الله بن عُكَيم لا يربط كيسه ويقول سمعت الله يقول : { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } .