Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 71, Ayat: 26-27)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه أربع مسائل : الأولى : دعا عليهم حين يئس من اتباعهم إياه . وقال قتادة : دعا عليهم بعد أن أوحى الله إليه : { أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [ هود : 36 ] فأجاب الله دعوته وأغرق أمته ، وهذا : كقول النبي صلى الله عليه وسلم : " اللَّهُمّ منزل الكتاب سريع الحساب وهازم الأحزاب ٱهزمهم وزلزلهم " وقيل : سبب دعائه أن رجلاً من قومه حمل ولداً صغيراً على كتفه فمرّ بنوح فقال : احذر هذا فإنه يضلك . فقال : يا أبت أنزلني ، فأنزله فرماه فشجّه ، فحينئذٍ غضِب ودعا عليهم . وقال محمد بن كعب ومقاتل والربيع وعطية وابن زيد : إنما قال هذا حينما أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم . وأعقم أرحام النساء وأصلاب الرجال قبل العذاب بسبعين سنة . وقيل : بأربعين . قال قتادة : ولم يكن فيهم صبيّ وقت العذاب . وقال الحسن وأبو العالية : لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذاباً من الله لهم وعدلاً فيهم ، ولكنّ الله أهلك أطفالهم وذرّيتهم بغير عذاب ، ثم أهلكهم بالعذاب ، بدليل قوله تعالى : { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ } [ الفرقان : 37 ] . الثانية : قال ابن العربيّ : « دعا نوح على الكافرين أجمعين ، ودعا النبيّ صلى الله عليه وسلم على من تحزّب على المؤمنين وألّب عليهم . وكان هذا أصلاً في الدعاء على الكافرين في الجملة ، فأما كافر معيَّن لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه ، لأن مآله عندنا مجهول ، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة بالسعادة . وإنما خصّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بالدعاء عُتبةَ وشَيْبةَ وأصحابهما ، لعلمه بمآلهم وما كُشف له من الغطاء عن حالهم . والله أعلم » . قلت : قد مضت هذه المسألة مجوَّدة في سورة « البقرة » والحمد لله . الثالثة : قال ابن العربي : « إن قيل لِم جَعَل نوحٌ دعوتَه على قومه سبباً لتَوقّفه عن طلب الشفاعة للخلق من الله في الآخرة ؟ قلنا قال الناس في ذلك وجهان : أحدهما أن تلك الدعوة نشأت عن غضب وقسوة ، والشفاعة تكون عن رِضاً ورِقّة ، فخاف أن يعاتب بها ويقال : دعوتَ على الكفار بالأمس وتشفع لهم اليوم . الثاني : أنه دعا غضباً بغير نص ولا إذن صريح في ذلك ، فخاف الدَّرْكَ فيه يوم القيامة ، كما قال موسى عليه السلام : إنِّي قَتَلْتُ نَفْساً لم أُومر بقتلها . قال : وبهذا أقول » . قلت : وإن كان لم يؤمر بالدعاء نَصًّا فقد قيل له : { أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [ هود : 36 ] . فأعلم عواقبهم فدعا عليهم بالهلاك . كما " دعا نبيّنا صلى الله عليه وسلم على شَيْبة وعتبة ونظرائهم فقال : « اللهم عليك بهم » " لما أعلم عواقبهم ، وعلى هذا يكون فيه معنى الأمر بالدعاء . والله أعلم . الرابعة : قوله تعالى : { دَيَّاراً . إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } أي من يسكن الديار ، قاله السدّي . وأصله دَيوار على فَيعال من دار يدور ، فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الآخرى . مثل القيّام ، أصله قيوام . ولو كان فعّالاً لكان دوّاراً . وقال القُتَبيّ : أصله من الدار ، أي نازل بالدار . يقال : ما بالدار ديّار ، أي أحد . وقيل : الديّار صاحبُ الدار .