Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 26-29)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } أي سأدخله سقر كي يصْلى حرّها . وإنما سميّت سقر من سُقَرَتْه الشمس : إذا أذابته ولوْحته ، وأحرقت جلدة وجهه . ولا ينصرف للتعريف والتأنيث . قال ٱبن عباس : هي الطبق السادس من جهنم . ورَوى أبو هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " سأل موسى ربه فقال : أي ربِّ ، أيّ عبادك أفقر ؟ قال صاحب سَقَر " ذكره الثعلبيّ : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } ؟ هذه مبالغة في وصفها أي وما أعلمك أي شيء هي ؟ وهي كلمة تعظيم ، ثم فسّر حالها فقال : { لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ } أي لا تترك لهم عظماً ولا لحماً ولا دماً إلا أحرقته . وكرر اللفظ تأكيداً . وقيل : لا تبْقي منهم شيئاً ، ثم يعادون خلقاً جديداً ، فلا تذر أن تعاود إحراقهم هكذا أبداً . وقال مجاهد : لا تبقي مَنْ فيها حيًّا ولا تذره ميّتاً ، تحرقهم كلما جُدّدُوا . وقال السُّديّ : لا تبقي لهم لحماً ولا تذر لهم عظماً { لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ } أي مُغَيِّرة ، من لاحه إذا غيّره . وقراءة العامة « لَوَّاحَةٌ » بالرفع نعت لـ « ـسَقَرَ » . في قوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ } . وقرأ عطية العوفيّ ونصر بن عاصم وعيسى بن عمر « لَوَّاحَةً » بالنصب على الاختصاص ، للتهويل . وقال أبو رَزِين : تلفح وجوههم لَفْحة تدعها أشدّ سواداً من الليل وقاله مجاهد . والعرب تقول : لاحه البَرْد والحرُّ والسُّقم والحُزْن : إذا غيّره ومنه قول الشاعر : @ تَقولُ ما لاَحَك يا مُسافِرُ يَا بْنةَ عَمَّي لاحَنِي الْهَواجِرُ @@ وقال آخر : @ وتَعجبُ هِنْدٌ أَنْ رَأَتْنِي شاحِباً تقول لِشَيْءٍ لَوَّحَتْه السَّمائم @@ وقال رُؤبة بن العجَّاج : @ لوَّحَ منه بعدَ بُدْنٍ وسَنَقْ تَلْويحَكَ الضَّامِرَ يُطْوَى لِلسَّبَقْ @@ وقيل : إن اللوح شدة العطش يقال : لاحه العطش ولوَّحه أي غيّره . والمعنى أنها معطَّشة للبشر أي لأهلها قاله الأخفش ، وأنشد : @ سَقْتنِي على لَوْحٍ منَ الماء شَرْبَةً سقاها بها اللَّهُ الرِّهامَ الغَواديا @@ يعني باللّوح شدّة العطش ، والتاح أي عَطِش . والرِّهام جمع رهمة بالكسر وهي المطرة الضعيفة وأرهمت السحابة أتت بالرِّهام . وقال ٱبن عباس : { لَوَّاحَةٌ } أي تلوح للبشر من مسيرة خمسمائة عام . الحسن وٱبن كيسان : تلوح لهم جهنم حتى يروها عِياناً . نظيره : { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ } [ الشعراء : 91 ] وفي البَشَر وجهان : أحدهما أنه الإنس من أهل النار قاله الأخفش والأكثرون . الثاني أنه جمع بَشرة ، وهي جلدة الإنسان الظاهرة قاله مجاهد وقتادة . وجمع البَشَر أبشار ، وهذا على التفسير الأوّل ، وأما على تفسير ٱبن عباس فلا يستقيم فيه إلا الناس لا الجلود لأنه من لاح الشيءُ يَلُوح : إذا لمع .