Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 74, Ayat: 49-53)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فَمَا لَهُمْ عَنِ ٱلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ } أي فما لأهل مكة قد أعرضوا وولَّوا عما جِئتم به . وفي تفسير مقاتل : الإعراض عن القرآن من وجهين : أحدهما الجحود والإنكار ، والوجه الآخر ترك العمل بما فيه . و « مُعْرِضِينَ » نصب على الحال من الهاء والميم في « لَهُمْ » وفي اللام معنى الفعل فٱنتصاب الحال على معنى الفعل . { كَأَنَّهُمْ } أي كأن هؤلاء الكفار في فرارهم من محمد صلى الله عليه وسلم { حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ } قال ٱبن عباس : أراد الحمر الوحشية . وقرأ نافع وٱبن عامر بفتح الفاء ، أي مُنَفَّرة مذعورة وٱختاره أبو عبيد وأبو حاتم . الباقون بالكسر ، أي نافرة . يقال : نَفَرت وٱسْتَنفرت بمعنًى مثل عَجِبت وٱسْتَعجبت ، وسَخِرت وٱسْتَسخرت ، وأنشد الفراء : @ أَمْسِكْ حِمَارَك إنّه مُسْتَنْفِرٌ في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرّبِ @@ قوله تعالى : { فَرَّتْ } أي نفرت وهربت { مِن قَسْوَرَةٍ } أي من رُماة يرمونها . وقال بعض أهل اللغة : إن القسورة الرامي ، وجمعه القَسْورة . وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك وٱبن كَيْسان : القسْورة : هم الرّماة والصيادون ، ورواه عطاء عن ٱبن عباس وأبو ظَبيان عن أبي موسى الأشعري . وقيل : إنه الأسد قاله أبو هريرة وٱبن عباس أيضاً . ٱبن عرفة : من القَسْر بمعنى القَهْر أي إنه يقهر السباع ، والحمر الوحشية تهرب من السباع . وروى أبو جمرة عن ٱبن عباس قال : ما أعلم القسورةَ الأسَد في لغة أحد من العرب ، ولكنها عُصَب الرجال قال : فالقسورة جمع الرجال ، وأنشد : @ يا بنتُ كُونِي خَيْرةً لِخيِّره أخوالُها الجنّ وأهلُ القَسْوَرَهْ @@ وعنه : رِكْز الناس أي حسّهم وأصواتهم . وعنه أيضاً : « فَرّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ » أي من حبال الصيادين . وعنه أيضاً : القسورة بلسان العرب : الأسد ، وبلسان الحبشة : الرماة وبلسان فارس : شير ، وبلسان النَّبَط : أريا . وقال ٱبن الأعرابي : القسورة : أوّلُ الليل أي فّرت من ظلمة الليل . وقاله عِكرمة أيضاً . وقيل : هو أوّل سواد الليل ، ولا يقال لآخر سواد الليل قَسْورة . وقال زيد بن أسلم : من رجال أقوياء ، وكل شديد عند العرب فهو قسورة وقَسْور . وقال لبيد بن ربيعة : @ إذا ما هَتْفنا هَتفةً في نَدِيِّنا أتانا الرجالُ العائدون القَسَاوِر @@ قوله تعالى : { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَىٰ صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } أي يعطي كتباً مفتوحة وذلك أن أبا جهل وجماعة من قريش قالوا : يا محمد ! ٱيتنا بكتب من ربّ العالمين مكتوب فيها : إني قد أرسلتُ إليكم محمداً ، صلى الله عليه وسلم . نظيره : { وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ } [ الإسراء : 93 ] . وقال ٱبن عباس : كانوا يقولون إن كان محمد صادقاً فليصبح عند كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنه من النار . قال مطر الورّاق : أرادوا أن يُعطَوا بغير عمل . وقال الكلبيّ : قال المشركون : بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح عند رأسه مكتوباً ذنبه وكفارته ، فأتنا بمثل ذلك . وقال مجاهد : أرادوا أن ينزل على كل واحد منهم كتاب فيه من الله عز وجل : إلى فلان بن فلان . وقيل : المعنى أن يذكر بذكر جميل ، فجعلت الصحف موضع الذكر مجازاً . وقالوا : إذا كانت ذنوب الإنسان تكتب عليه فما بالنا لا نرى ذلك ؟ { كَلاَّ } أي ليس يكون ذلك . وقيل : حقًّا . والأوّل أجود لأنه رد لقولهم . { بَل لاَّ يَخَافُونَ ٱلآخِرَةَ } أي لا أعطيهم ما يتمنون لأنهم لا يخافون الآخرة ، ٱغتراراً بالدنيا . وقرأ سعيد بن جبير « صُحْفاً مُنْشَرَةً » بسكون الحاء والنون ، فأما تسكين الحاء فتخفيف ، وأما النون فشاذ . إنما يقال : نشرت الثوب وشبهه ولا يقال أنشرت . ويجوز أن يكون شبه الصحيفة بالميت كأنها ميتة بطيها ، فإذا نشرت حييت ، فجاء على أنشر الله الميت كما شبه إحياء الميت بنشر الثوب ، فقيل فيه نشر الله الميت ، فهي لغة فيه .