Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 76, Ayat: 23-26)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً } ما ٱفتريتَه ولا جئتَ به من عندك ، ولا من تلقاء نفسك ، كما يدّعيه المشركون . ووجه ٱتصال هذه الآية بما قبلُ أنه سبحانه لما ذكر أصناف الوعد والوعيد ، بيّن أن هذا الكتاب يتضمن ما بالناس حاجة إليه ، فليس بسحر ولا كهَانة ، ولا شِعر ، وأنه حقّ . وقال ٱبن عباس : أنزل القرآن متفرّقاً : آية بعد آية ، ولم ينزل جملة واحدة فلذلك قال « نَزَّلْنَا » وقد مضى القول في هذا مبيناً والحمد لله . قوله تعالى : { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ } أي لقضاء ربك . وروى الضحاك عن ٱبن عباس قال : ٱصبر على أذى المشركين هكذا قضيت . ثم نسخ بآية القتال . وقيل : أي ٱصبر لما حكم به عليك من الطاعات ، أو ٱنتظر حكم الله إذا وعَدَك أنه ينصرك عليهم ، ولا تستعجل فإنه كائن لا محالة . { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً } أي ذا إثم { أَوْ كَفُوراً } أي لا تطع الكفار . فروى مَعْمَر عن قتادة قال : قال أبو جهل : إن رأيتُ محمداً يُصلّي لأطأنّ على عنقه . فأنزل الله عز وجل : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } . ويقال : نزلت في عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة ، وكانا أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يَعرضان عليه الأموال والتزويج ، على أن يترك ذكر النبوّة ، ففيهما نزلت : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } . قال مقاتل : الذي عرض التزويج عُتبة بن ربيعة قال : إن بناتي من أجمل نساء قريش ، فأنا أزوّجك ٱبنتي من غير مهر وٱرجع عن هذا الأمر . وقال الوليد : إن كنت صنعت ما صنعت لأجل المال ، فأنا أعطيك من المال حتى ترضى وٱرجع عن هذا الأمر فنزلت . ثم قيل : « أو » في قوله تعالى : { آثِماً أَوْ كَفُوراً } أَوْكَد من الواو لأن الواو إذا قلت : لا تطع زيداً وعمراً فأطاع أحدهما كان غير عاص لأنه أمره ألا يطيع الاثنين ، فإذا قال : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً } فـ « ـأو » قد دلّت على أن كل واحد منهما أهل أن يُعصَى كما أنك إذا قلت : لا تخالف الحسن أو ٱبن سيرين ، أو ٱتبع الحسن أو ٱبن سيرين فقد قلت : هذان أهل أن يُتَّبعا وكل واحد منهما أهل لأن يُتَّبع قاله الزجاج . وقال الفرّاء : « أو » هنا بمنزلة « لا » كأنه قال : ولا كفوراً قال الشاعر : @ لاَ وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ وَلاَ وَجْدُ عَجُولٍ أَضَلَّهَا رُبَعُ أَوْ وَجْدُ شيخٍ أَضَلَّ ناقَتهُ يَوْمَ تَوافَى الحجيجُ فٱندفَعُوا @@ أراد ولا وجد شيخ . وقيل : الآثم المنافق ، والكفور الكافر الذي يظهر الكفر أي لا تطع منهم آثماً ولا كفوراً . وهو قريب من قول الفراء . قوله تعالى : { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي صلّ لربّك أول النهار وآخره ، ففي أوّله صلاة الصبح وفي آخره صلاة الظهر والعصر . { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ } يعني صلاة المغرب والعشاء الآخرة . { وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } يعني التطوّع في الليل قاله ٱبن جبيب . وقال ٱبن عباس وسفيان كلّ تسبيح في القرآن فهو صلاة . وقيل : هو الذكر المطلق سواء كان في الصلاة أو في غيرها . وقال ٱبن زيد وغيره : إن قوله : { وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } منسوخ بالصلوات الخمس . وقيل : هو ندب . وقيل : هو مخصوص بالنبيّ صلى الله عليه وسلم . وقد تقدّم القول في مثله في سورة « المزمل » وقول ٱبن حبيب حسن . وجمع الأصيل : الأصائل والأُصُل كقولك سَفَائن وسُفُن قال : @ ولا بأحسـنَ منها إذ دنا الأُصُـلُ @@ وقال في الأصائل ، وهو جمع الجمع : @ لَعَمْرِي لأَنْتَ البيتُ أُكْرِمَ أَهْلَهُ وأَقعدُ في أَفْيَائِهِ بِالأَصَائِلِ @@ وقد مضى هذا في آخر « الأعراف » مستوفًى . ودخلت « مِن » على الظرف للتبعيض ، كما دخلت على المفعول في قوله تعالى : { يَغْفِرْ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } [ نوح : 4 ] .