Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 77, Ayat: 25-28)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فيه مسألتان : الأولى قوله تعالى : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً } أي ضامّة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله عليه السلام : " قُصُّوا أظافركم وٱدفنوا قُلاَماتِكم " وقد مضى في « البقرة » بيانه . يقال : كَفَتُّ الشيء أكْفِته : إذا جمعته وضممته ، والكَفْت : الضم والجمع وأنشد سيبويه . @ كِرامٌ حينَ تَنْكفتُ الأَفَاعي إلى أحْجَارهنّ من الصَّقِيعِ @@ وقال أبو عبيد : { كِفَاتاً } أوعية . ويقال لِلنِّحْي : كِفْت وكَفِيت ، لأنه يحوي اللبن ويضمه قال : @ فأنت اليومَ فوقَ الأرض حَيًّا وأنت غداً تَضُمُّكَ في كِفَات @@ وخرج الشَّعبيّ في جنازة فنظر إلى الجَبَّان فقال : هذهِ كفات الأموات ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كِفات الأحياء . والثانية روي عن ربيعة في النَّبَّاش قال تقطَع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال : إن الله عز وجل يقول : { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ كِفَاتاً . أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } فالأرض حِرْز . وقد مضى هذا في سورة « المائدة » . وكانوا يسمّون بَقِيع الغَرْقد كَفْتة ، لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضاً ٱستقرار الناس على وجه الأرض ، ثم ٱضطجاعهم عليها ، ٱنضمام منهم إليها . وقيل : هي كِفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض إذ لا ضَمّ في كون الناس عليها ، والضَّمّ يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه . وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض ، أي الأرض منقسمة إلى حيّ وهو الذي ينبت ، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال الفراء : ٱنتصب { أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } بوقوع الكِفات عليه أي ألم نجعل الأرض كِفات أحياء وأموات . فإذا نوّنت نصبت كقوله تعالى : { أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً } [ البلد : 14 - 15 ] . وقيل : نصب على الحال من الأرض ، أي منها كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : « كِفَاتًا » جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهراً لبطن أو بطناً لظهر . ويقال : ٱنكفت القومُ إلى منازلهم أي ٱنقلبوا . فمعنى الكِفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها . { وَجَعَلْنَا فِيهَا } أي في الأرض { رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ } يعني الجبال ، والرواسي الثوابت ، والشامخات الطوال ومنه يقال : شمخ بأنفه إذا رفعه كبراً . قال : { وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } أي وجعلنا لكم سُقْيا . والفُرَات : الماء العذب يشرب ويسقي منه الزرع . أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء الفرات . وهذه الأمور أعجب من البعث . وفي بعض الحديث قال أبو هريرة : في الأرض من الجنة الفُرَات والدّجلة ونهر الأردن . وفي صحيح مسَلم سيحان وَجَيْحان والنيل والفُرات كلّ من أنهار الجنة .