Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 78, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } ؟ « عم » لفظ ٱستفهام ولذلك سقطت منها ألف « ما » ، ليتميز الخبر عن الاستفهام . وكذلك فيم ، ومم إذا ٱستفهمت . والمعنى عن أي شيء يسأل بعضهم بعضاً . وقال الزجاج : أصل « عَمَّ » عن ما فأدغمت النون في الميم ، لأنها تشاركها في الغُنّة . والضمير في « يتساءلون » لقريش . وروى أبو صالح عن ٱبن عباس قال : كانت قريش تجلس لما نزل القرآن فتتحدث فيما بينها فمنهم المصدّق ومنهم المكذب به فنزلت « عم يتساءلون » ؟ وقيل : « عم » بمعنى : فيم يتشدّد المشركون ويختصمون . قوله تعالى : { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } أي يتساءلون « عن النبإ العظِيم » فعن ليس تتعلق بـ « ـيتساءلون » الذي في التلاوة لأنه كان يلزم دخول حرف الاستفهام فيكون « عنِ النبإ العظِيم » كقولك : كم مالك أثلاثون أم أربعون ؟ فوجب لما ذكرناه من ٱمتناع تعلقه بـ « ـيتساءلون » الذي في التلاوة ، وإنما يتعلق بيتساءلون آخر مضمر . وحسن ذلك لتقدم يتساءلون قاله المَهْدويّ . وذكر بعض أهل العلم أن الاستفهام في قوله : « عن » مكرر إلا أنه مضمر ، كأنه قال عم يتساءلون أعن النبإ العظيم ؟ فعلى هذا يكون متصلاً بالآية الأولى . والنبأ العظيم » أي الخبر الكبير . { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } أي يخالف فيه بعضهم بعضاً ، فيصدق واحد ويكذب آخر فروى أبو صالح عن ٱبن عباس قال : هو القرآن دليله قوله : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } [ صۤ : 67 ] فالقرآن نبأ وخبر وقصص ، وهو نبأ عظيم الشأن . وروى سعيد عن قتادة قال : هو البعث بعد الموت صار الناس فيه رجلين : مصدّق ومكذب . وقيل : أَمْر النبي صلى الله عليه وسلم . وروى الضحاك عن ٱبن عباس قال : وذلك أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كثيرة ، فأخبره الله جل ثناؤه باختلافهم ، ثم هدّدهم فقال : { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } أي سيعلمون عاقبة القرآن ، أو سيعلمون البعث : أحق هو أم باطل . و « كلا » ردّ عليهم في إنكارهم البعث أو تكذيبهم القرآن ، فيوقف عليها . ويجوز أن يكون بمعنى حقاً أو « ألاَ » فيُبدأ بها . والأظهر أن سؤالهم إنما كان عن البعث قال بعض علمائنا : والذي يدل عليه قوله عز وجل « إن يوم الفصلِ كان مِيقاتاً » يدل على أنهم كانوا يتساءلون عن البعث . { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } أي حقاً لَيَعْلَمُنَّ صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن ومما ذكره لهم من البعث بعد الموت . وقال الضحاك : « كلا سيعلمون » يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم . « ثم كلا سيعلمون » يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم . وقيل : بالعكس أيضاً . وقال الحسن : هو وعيد بعد وعيد . وقراءة العامة فيهما بالياء على الخبر لقوله تعالى : { يَتَسَآءَلُونَ } وقوله : { هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } . وقرأ الحسن وأبو العالية ومالك بن دينار بالتاء فيهما .