Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 42-46)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا } قال ٱبن عباس : سأل مشركو مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تكون الساعة ٱستهزاء ، فأنزل الله عز وجل الآية . وقال عُروة بن الزبير في قوله تعالى : { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } ؟ لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة ، حتى نزلت هذه الآية { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } . ومعنى « مُرْساها » أي قيامُها . قال الفرّاء : رُسُوُّها قيامها كرسوّ السفينةِ . وقال أبو عبيدة : أي منتهاها ، ومرسَىٰ السفينة حيث تنتهي . وهو قول ٱبن عباس . الربيع بن أنس : متى زمانها . والمعنى متقارب . وقد مضى في « الأعراف » بيان ذلك . وعن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة إلا بغَضْبة يغضَبُها ربك " « فِيم أنت مِن ذِكراها » أي في أي شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها ؟ وليس لك السؤال عنها . وهذا معنى ما رواه الزُّهْرِيّ عن عُروة بن الزُّبير قال : لم يزل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يسأل عن الساعة حتى نزلت { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا } { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } أي منتهى علمها فكأنه عليه السلام لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك ، فقيل له : لا تسأل ، فلست في شيء من ذلك . ويجوز أن يكون إنكاراً على المشركين في مسألتهم له أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانَه ، ولست ممن يَعلَمه . رُوِي معناه عن ٱبن عباس . والذكْرَى بمعنى الذكر . { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ } أي منتهى علمها ، فلا يُوجَد عند غيره عِلم الساعة وهو كقوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي } [ الأعراف : 187 ] وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } [ لقمان : 34 ] . { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا } . أي مخوِّف وخَصَّ الإنذار بمن يَخْشى ، لأنهم المنتفعون به ، وإن كان منذراً لكل مكلف وهو كقوله تعالى : { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ وَخشِىَ ٱلرَّحْمـٰنَ بِٱلْغَيْبِ } . وقراءة العامة « منذِر » بالإضافة غير منون طلب التخفيف ، وإلا فأصله التنوين لأنه للمستقبل وإنما لا ينون في الماضي . قال الفراء : يجوز التنوين وتركه كقوله تعالى : { بَالِغُ أَمْرِهِ } [ الطلاق : 3 ] و { مُوهِنُ كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } [ الانفال : 18 ] و « موهِنٌ كيدَ الكافِرين » والتنوين هو الأصل ، وبه قرأ أبو جعفر وشَيبة والأعرج وٱبن مُحيصن وحُميد وعياش عن أبي عمرو « منذِرٌ » منونا ، وتكون في موضع نصب ، والمعنى نصب ، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة . وقال أبو علي : يجوز أن تكون الإضافة للماضي ، نحو ضارب زيدٍ أمس لأنه قد فعَلَ الإنذار ، الآية ردّ على من قال : أحوال الآخرة غير محسوسةٍ ، وإنما هي راحة الرُّوح أو تألمها من غير حِسّ . { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا } يعني الكفار يَرَونَ الساعة { لَمْ يَلْبَثُوۤاْ } أي في دنياهم ، { إِلاَّ عَشِيَّةً } أي قدر عشية { أَوْ ضُحَاهَا } أي أو قدر الضُّحا الذي يلي تلك العشية ، والمراد تقليل مدة الدنيا ، كما قال تعالى : { لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ } [ يونس : 45 ] . ورَوَى الضحاك عن ٱبن عباس : كأنهم يوم يَرَوْنَها لم يلبثوا إلا يوماً واحداً . وقيل : « لم يلبثوا » في قبورهم « إلا عشِية أو ضحاها » ، وذلك أنهم ٱستقصروا مدّة لَبْثِهِم في القبور لمَا عاينوا من الهول . وقال الفرّاء : يقول القائل : وهل للعشية ضُحاً ؟ وإنما الضحا لصدر النَهار ، ولكن أضيف الضحا إلى العشية ، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب يقولون : آتيك الغداةَ أو عشيتَها ، وآتيك العشيةَ أو غداتها ، فتكون العشية في معنى آخر النهار ، والغداة في معنى أوّل النهار قال : وأنشدني بعض بني عُقَيل : @ نحنُ صَبَحْنا عامِرا في دارِها جُرْداً تَعَادَىَ طَرَفَي نهارِها عِشيـةِ الهِـلالِ أو سِرارِهـا @@ أراد : عشيةِ الهلالِ ، أو سِرار العشية ، فهو أشدّ من آتيك الغداة أو عَشِيَّها .