Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 45-45)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالىٰ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً } أي جماعة { فَٱثْبُتُواْ } أمر بالثبات عند قتال الكفار ، كما في الآية قبلها النّهيُ عن الفرار عنهم ، فالتقى الأمر والنهي على سواء . وهذا تأكيد على الوقوف للعدوّ والتجلُّد له . قوله تعالىٰ : { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ } للعلماء في هذا الذكر ثلاثة أقوال : الأول ٱذكروا الله عند جزع قلوبكم فإن ذكره يُعين على الثبات في الشدائد . الثاني اثبتوا بقلوبكم ، واذكروه بألسنتكم فإن القلب لا يسكن عند اللقاء ويضطرب اللسان فأمر بالذكر حتى يثبت القلب على اليقين ، ويثبت اللسان على الذكر ، ويقول ما قاله أصحاب طالوت : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } . وهذه الحالة لا تكون إلا عن قوة المعرفة ، واتقاد البصيرة ، وهي الشجاعة المحمودة في الناس . الثالث ٱذكروا ما عندكم من وعد الله لكم في ٱبتياعه أنفسكم ومُثامنته لكم . قلت : والأظهر أنه ذكرُ اللسان الموافقُ للجَنان . قال محمد بن كعب القُرَظِيّ : لو رُخصّ لأحد في ترك الذكر لرُخّص لزكريا يقول الله عز وجل : { أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً } . ولَرُخّص للرجل يكون في الحرب يقول الله عز وجل : { إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } . وقال قتادة : افترض الله جل وعز ذكره على عباده ، أشغلَ ما يكونون عند الضّراب بالسيوف . وحكم هذا الذكر أن يكون خفياً لأن رفع الصوت في مواطن القتال رديء مكروه إذا كان الذاكر واحداً . فأما إذا كان من الجميع عند الحملة فحسن لأنه يَفُتّ في أعضاد العدوّ . وروى أبو داود عن قيس بن عُباد قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند القتال . وروىٰ أبو بُرْدة عن أبيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ذلك . قال ابن عباس : يكره التلثمّ عند القتال . قال ابن عطية : وبهذا والله أعلم استنّ المرابطون بطَرْحه عند القتال على صيانتهم به .