Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 1-5)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } أي ٱنصدعت ، وتفطرتْ بالغَمام ، والغَمام مثل السحاب الأبيض . وكذا رَوَى أبو صالح عن ٱبن عباس . وروي عن عليّ عليه السلام قال : تُشَقّ من المجرة . وقال : المُجَرَّة باب السماء . وهذا من أشراط الساعة وعلاماتها . { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } أي سمِعت ، وحق لها أن تسمع . رُوِي معناه عن ٱبن عباس ومجاهد وغيرهما ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " ما أَذِن الله لشيء كَأَذنَه لنبيّ يتغنى بالقرآن " أي ما ٱستمع الله لشيء قال الشاعر : @ صُمٌّ إذا سمِعوا خيراً ذُكرتُ بِه وإن ذُكِرتْ بِسُوءِ عِندهم أَذِنُوا @@ أي سمعوا . وقال قعنب بن أمّ صاحب : @ إِنْ يأذَنُوا رِيبةً طاروا بها فرحاً وما هُمُ أَذِنوا من صالحٍ دَفَنُوا @@ وقيل : المعنى وحقَّق الله عليها الاستماعَ لأمره بالانشقاق . وقال الضحاك : حُقَّتْ : أطاعت ، وحُقّ لها أن تطيع ربها ، لأنه خلقها يقال : فلان محقوق بكذا . وطاعة السماء : بمعنى أنها لا تمتنع مما أراد الله بها ، ولا يبعد خلق الحياة فيها حتى تطيع وتجيب . وقال قتادة : حق لها أن تفعل ذلك ومنه قول كثير : @ فإن تكنِ العُتْبِى فأَهلاً ومَرْحَباً وحُقَّتْ لها العُتْبَى لدينا وقَلَّتِ @@ قوله تعالى : { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } أي بُسِطَت ودُكَّت جِبالها . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تُمَدّ مَدَّ الأديم " لأن الأديم إذا مدّ زال كل ٱنثناء فيه وٱمتدّ وٱستوى . قال ٱبن عباس وٱبن مسعود : ويزاد ، وسعتها كذا وكذا لوقوف الخلائق عليها للحساب حتى لا يكون لأحد من البشر إلا موضع قدمه ، لكثرة الخلائق فيها . وقد مضى في سورة « إبراهيم » أن الأرض تبدل بأرض أخرى وهي الساهِرة في قول ٱبن عباس على ما تقدم عنه . { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } أي أخرجت أمواتها ، وتخلت عنهم . وقال ٱبن جُبَير : ألقت ما في بطنها من الموتى ، وتخلت ممن على ظهرها من الأحياء . وقيل : ألقت ما في بطنها من كنوزها ومعادنها ، وتخلت منها . أي خلا جوفها ، فليس في بطنها شيء ، وذلك يؤذن بعظم الأمر ، كما تلقي الحامل ما في بطنها عند الشدة . وقيل : تَخَلَّت مما على ظهرها من جبالها وبحارها . وقيل : أَلْقَتْ ما ٱستُودِعتْ ، وتخلت مما ٱستحفظت لأن الله تعالى ٱستودعها عباده أحياء وأمواتاً ، وٱستحفظها بلاده مزارعة وأقواتاً . { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي في إلقاء موتاها { وَحُقَّتْ } أي وحق لها أن تسمع أمره . وٱختلف في جواب « إذا » فقال الفراء : « أذِنت » . والواو زائدة ، وكذلك « وأَلْقَتْ » . ٱبن الأنباري : قال بعض المفسرين : جواب « إذا السماء ٱنشقت » « أَذِنت » ، وزعم أن الواو مقحمة وهذا غلط لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع « حتى إذا » كقوله تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [ الزمر : 73 ] ومع « لما » كقوله تعالى : { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ } [ الصافات : 103 - 104 ] معناه « ناديناهُ » والواو لا تقحم مع غير هذين . وقيل : الجواب فاء مضمرة كأنه قال : « إذا السماء ٱنشقت » فٰيأيها الإنسان إنك كادح . وقيل : جوابها ما دل عليه « فمُلاقِيهِ » أي إذا السماء ٱنشقت لاقى الإنسان كدحه . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } « إِذا السماء ٱنشقت » . قال المبرد . وعنه أيضاً : الجواب « فأما من أوتِي كِتابه بِيمينِهِ » وهو قول الكسائي أي إذا السماء ٱنشقت فمن أوتي كتابه بيمينه فحكمه كذا . قال أبو جعفر النحاس : وهذا أصح ما قيل فيه وأحسنه . قيل : هو بمعنى ٱذكر { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } . وقيل : الجواب محذوف لعلم المخاطبين به أي إذا كانت هذه الأشياء علم المكذِّبون بالبعث ضلالتهم وخسرانهم . وقيل : تقدّم منهم سؤال عن وقت القيامة ، فقيل لهم : إذا ظهرت أشراطها كانت القيامة ، فرأيتم عاقبة تكذيبكم بها . والقرآن كالآية الواحدة في دلالة البعض على البعض . وعن الحسن : إن قوله { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } قسم . والجمهور على خلاف قوله من أنه خبر وليس بقسم .