Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 86, Ayat: 11-16)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } أي ذات المطر . ترجِع كل سنة بمطر بعد مطر . كذا قال عامة المفسرين . وقال أهل اللغة : الرجْع : المطر ، وأنشدوا للمُتَنَخِّل يصف سيفاً شبهه بالماء : @ أبيضُ كالرجْعِ رَسُوبٌ إذا ما ثاخ في مُحْتَفَلٍ يَخْتلِي @@ ثاخت قدمه في الوحل تثوخ وتثيخ : خاضت وغابت فيه قاله الجوهري . قال الخليل : الرجع : المطر نفسه ، والرجع أيضاً : نبات الربيع . وقيل : { ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } : أي ذات النفع . وقد يُسمى المطر أيضاً أَوْباً ، كما يسمى رَجْعاً ، قال : @ رَبَّاء شَمَّاءُ لا يأوِي لِقُلتِها إلا السحابُ وإلا الأَوبُ والسَّبَلُ @@ وقال عبد الرحمن بن زيد : الشمس والقمر والنجوم يَرْجعن في السماء تطلع من ناحية وتغيب في أخرى . وقيل : ذات الملائكة لرجوعهم إليها بأعمال العباد . وهذا قَسَم . { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } قَسَم آخر أي تتصدّع عن النبات والشجر والثمار والأنهار نظيره { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } [ عبس : 26 ] … الآية . والصدع : بمعنى الشَّق لأنه يصدع الأرض ، فتنصدع به . وكأنه قال : والأرض ذات النبات لأن النبات صادع للأرض . وقال مجاهد : والأرض ذات الطُّرُق التي تَصْدَعها المشاة . وقيل : ذاتِ الحَرْث ، لأنه يصدعها . وقيل : ذاتِ الأموات : لانصداعها عنهم للنشور . { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } على هذا وقع القَسَم . أي إن القرآن يَفْصل بين الحق والباطل . وقد تقدّم في مقدمة الكتاب ما رواه الحارث عن عليّ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتاب فيه خَبَر ما قبلكم وحُكْم ما بعدكم ، هو الفَصْل ، ليس بالهزل ، من تركه من جَبَّار قَصَمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله " وقيل : المراد بالقول الفصل : ما تقدم من الوعيد في هذه السورة ، من قوله تعالى : { إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } . { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } أي ليس القرآن بالباطل واللعب . والهزل : ضدّ الجِدّ ، وقد هَزَلَ يَهْزِل . قال الكميت : @ يُـجَـدّ بنـا فـي كـلِّ يـومٍ ونَـهْـزِل @@ { إِنَّهُمْ } أي إن أعداء الله { يَكِيدُونَ كَيْداً } أي يمكرون بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابِه مَكراً . { وَأَكِيدُ كَيْداً } أي أجازيهم جزاء كيدهم . وقيل : هو ما أوقع الله بهم يوم بدرٍ من القتل والأَسر . وقيل : كَيْد الله : استدراجُهم من حيث لا يعلمون . وقد مضى هذا المعنى في أوّل « البقرة » ، عند قوله تعالى : { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ } [ البقرة : 15 ] . مستوفىً .