Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 86, Ayat: 9-9)
Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسألتان : الأولى : العامل في « يومَ » في قول من جعل المعنى إنه على بعث الإنسان قوله : « لقادر » ، ولا يعمل فيه « رَجْعِه » لما فيه من التفرقة بين الصلة والموصول بخبر « إنّ » . وعلى الأقوال الأُخر التي في « إنه على رجْعِه لقادِر » ، يكون العامل في « يومَ » فعل مضمر ، ولا يعمل فيه « لقادر » لأن المراد في الدنيا . و { تُبْلَىٰ } أي تمتحن وتختبر وقال أبو الغُول الطُّهَوِيّ : @ ولا تَبْلَى بَسالَتُهُمْ وإنْ هُمْ صَلُوا بالحَرْب حِيناً بعدَ حِينِ @@ ويروى « تبلى بَسالتُهم » . فمن رواه « تُبلى » بضم التاء جعله من الاختبار وتكون البسالة على هذه الرواية الكراهة كأنه قال : لا يُعرف لهم فيها كراهة . و « تُبْلى » تُعْرَف . قال الراجز : @ قد كنتَ قبلَ اليوم تَزْدَرينِي فاليومَ أَبلُوكَ وتَبْتَلِينِي @@ أي أعرفك وتعرفني . ومن رواه « تَبْلَى » بفتح التاء فالمعنى : أنهم لا يضعفون عن الحرب وإن تكررت عليهم زماناً بعد زمان . وذلك أن الأمور الشِّداد إذا تكررت على الإنسان هَدّته وأضعفته . وقيل : « تُبْلَى السرائر » : أي تخرج مخبآتها وتظهر ، وهو كل ما كان استسره الإنسان من خير أو شر ، وأضمره من إيمان أو كفر كما قال الأحوص : @ سيبقى لها في مُضْمَر القلب والحَشَا سريرةُ ودّ يوم تُبْلَى السَّرائرُ @@ الثانية : رُوِي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اِئتمن الله تعالى خلقه على أربع : على الصلاة ، والصوم ، والزكاة والغُسل ، وهي السرائر التي يختبرها الله عز وجل يوم القيامة " ذكره المهدويّ . وقال ابن عُمر قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من حافظ عليها فهو وليّ الله حقاً ، ومن اختانهنّ فهو عدوّ الله حقاً : الصلاة ، والصوم ، والغُسل من الجنابة " ذكره الثعلبيّ . وذكر الماورْدِيّ عن زيد بن أسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الأمانة ثلاث : الصلاة ، والصوم ، والجنابة . استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصلاة ، فإن شاء قال صليت ولم يصل . استأمن الله عز وجل ابن آدم على الصوم ، فإن شاء قال صمت ولم يصم . استأمن الله عز وجل ابن آدم على الجنابة ، فإن شاء قال اغتسلت ولم يغتسل ، اقرؤوا إن شئتم { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } " وذكره الثعلبي عن عطاء . وقال مالك في رواية أشهب عنه ، وسألته عن قوله تعالى : { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } : أبْلغك أن الوضوء من السرائر ؟ قال : قد بلغني ذلك فيما يقول الناس ، فأما حديث أُحدّث به فلا . والصلاة من السرائر ، والصيام من السرائر ، إن شاء قال صليت ولم يصل . ومن السرائر ما في القلوب يجزي الله به العباد . قال ابن العربيّ : « قال ابن مسعود : يُغفر للشهيد إلا الأمانة ، والوضوء من الأمانة ، والصلاة والزكاة من الأمانة ، والوديعة من الأمانة وأشدّ ذلك الوديعة تُمَثّل له على هيئتها يوم أخذها ، فيرمى بها في قعر جهنم ، فيقال له : أخرجها ، فيتبعها فيجعلها في عنقه ، فإذا رجا أن يخرج بها زلت منه ، فيتبعها فهو كذلك دَهْرَ الداهرين . وقال أبيّ بن كعب : من الأمانة أن ائتُمنتِ المرأة على فرجها . قال أشهب : قال لي سفيان : في الحَيضة والحمل ، إن قالت لم أحِض وأنا حامل صُدّقت ، ما لم تأت بما يعرف فيه أنها كاذبة . وفي الحديث : " غُسل الجنابة من الأمانة " وقال ابن عُمر : يُبدِي الله يوم القيامة كل سر خفيّ ، فيكون زيناً في الوجوه ، وشيناً في الوجوه . والله عالم بكل شيء ، ولكن يظهر علامات الملائكة والمؤمنين .