Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 6-8)

Tafsir: al-Ǧāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { سَنُقْرِئُكَ } أي القرآن يا محمد فنعلمكه { فَلاَ تَنسَىٰ } أي فتحفظ رواه ابن وهب عن مالك . وهذه بُشْرَى من الله تعالى بشره بأن أعطاه آية بينة ، وهي أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي ، وهو أُمي لا يكتب ولا يقرأ ، فيحفظه ولا ينساه . وعن ابن أبي نَجِيح عن مجاهد ، قال : كان يتذكر مخافة أن ينسى ، فقيل : كَفَيتُكَه . قال مجاهد والكلبي : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي ، لم يفرغ جبريل من آخر الآية ، حتى يتكلم النبيّ صلى الله عليه وسلم بأوّلِها ، مخافة أن يَنْساها فنزلت : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } بعد ذلك شيئاً ، فقد كَفَيتُكَه . ووجه الاستثناء على هذا ، ما قاله الفراء : إلا ما شاء الله ، وهو لم يشأ أَن تنسى شيئاً كقوله تعالى : { خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلأَرْضُ إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ } [ هود : 107 ] ولا يشاء . ويقال في الكلام : لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئتُ ، وإلا أن أشاء أن أمنعك ، والنية على ألاَّ يمنعه شيئاً . فعلى هذا مجارِي الأَيمان يُسْتثَنى فيها ونية الحالف التمام . وفي رواية أبي صالح عن ابن عباس : فلم ينس بعد نزول هذه الآية حتى مات ، « إلا ما شاء الله » . وعن سعيد عن قتادة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسَى شيئاً « إلا ما شاء الله » . وعلى هذه الأقوال قيل : إلا ما شاء الله أن يَنْسَى ، ولكنه لم ينسَ شيئاً منه بعد نزول هذه الآية . وقيل : إلا ما شاء الله أن ينسى ، ثم يذكر بعد ذلك فإذاً قد نسي ، ولكنه يتذكر ولا ينسى نسياناً كُلّياً . وقد رُوِي " أنه أسقط آية في قراءته في الصلاة ، فحسِب أُبَيّ أنها نسِخت ، فسأله فقال : « إني نسيتها » " وقيل : هو من النسيان أي إلا ما شاء الله أن ينسيك . ثم قيل : هذا بمعنى النسخ أي إلا ما شاء الله أن ينسخه . والاستثناء نوع من النسخ . وقيل : النسيان بمعنى الترك أي يعصِمك من أن تترك العمل به إلا ما شاء الله أن تتركه لنسخه إياه . فهذا في نسخ العمل ، والأوّل في نسخ القراءة . قال الفَرْغاني : كان يغشى مجلس الجنيد أهلُ البَسْط من العلوم ، وكان يغشاه ابن كَيْسانَ النحويّ ، وكان رجلاً جليلاً فقال يوماً : ما تقول يا أبا القاسم في قول الله تعالى : { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } ؟ فأجابه مسرعاً كأنه تقدّم له السؤال قبل ذلك بأوقات : لا تَنْسَى العملَ به . فقال ابن كيسان : لا يَفْضُضِ الله فاك ! مثلُك من يُصْدَر عن رأيه . وقوله : « فلا » : للنفي لا للنهي . وقيل : للنهي وإنما أثبتت الياء لأن رؤوس الآي على ذلك . والمعنى : لا تغفل عن قراءته وتكراره فتنساه إلا ما شاء الله أن ينسِيكه برفع تلاوته للمصلحة . والأوّل هو المختار لأن الاستثناء من النهي لا يكاد يكون إلا مؤقتاً معلوماً . وأيضاً فإن الياء مثبتة في جميع المصاحف ، وعليها القراء . وقيل : معناه إلا ما شاء الله أن يؤخر إنزاله . وقيل : المعنى فجعله غثاء أحوى إلا ما شاء الله أن يناله بنو آدم والبهائم ، فإنه لا يصير كذلك . قوله تعالى : { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ } أي الإعلان من القول والعمل . { وَمَا يَخْفَىٰ } من السر . وعن ابن عباس : ما في قلبك ونفسك . وقال محمد بن حاتم : يعلم إعلان الصدقة وإخفاءها . وقيل : الجهر ما حفظته من القرآن في صدرك . « وما يخفى » هو ما نسخ من صدرك . { وَنُيَسِّرُكَ } : معطوف على { سَنُقْرِئُكَ } وقوله : { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } اعتراش . ومعنى { لِلْيُسْرَىٰ } أي للطريقة اليسرى وهي عمل الخير . قال ابن عباس : نيسرك لأن تعمل خيراً . ابن مسعود : « لِليسرى » أي للجنة . وقيل : نوفقك للشريعة اليسرى وهي الحنيفية السمحة السهلة قال معناه الضحاك . وقيل : أي نهوّن عليك الوحي حتى تحفظه وتعمل به .